سيريانديز- طرطوس- سعاد سليمان
قبل أكثر من شهر .. قررت السفر إلى حمص مع أخي في سيارته الجديدة التي اشتراها بعد أن باع بيته في حمص لينعم بالحياة في طرطوس وأمنها وأمانها مع زوجته وأطفاله ...و لم تكن شائعة غلاء البنزين قد أطلقت بعد .. وكان البنزين متوفرا في كل محطات الوقود بالمحافظة .. ولأن السيارة فارغة من وقود لطريق طويل كان لا بد مما لا بد منه
عند العاشرة صباحا دخلنا إلى كازية الدولة – كما تسمى – هي المحطة الواقعة بجانب الكراج الجديد بطرطوس .. ووقفنا في نهاية رتل طويل وانتصفنا في الرتل ومضى الوقت طويلا وأنا أشاهد من مقعدي في السيارة العطشى للوقود سيارات تخترق النظام والترتيب فلا ترى رتل السيارات المنتظم .. ولا تعترف بوجوده ..سيارات يقودها شباب.. تخاف أن تنظر إلى وجوههم ، يأخذون ما يريدون من بنزين ويمضون وكأن الطابور من السيارات يلبس قبعة إخفاء حتى عن القائمين على العمل هناك ...ولضرورات الحياة في حياتنا هذه يخرس كل المنتظرين لدورهم .. وتمر الساعات لينتصف النهار , وحين يصل دورنا يعلن العامل انتهاء كمية الوقود في الخزان !!!
لأصرخ بصوت مرتفع دون وعي وقد أعياني الانتظار : كيف ولماذا ؟؟؟
وكأنني أصرخ في صحراء لا ناس فيها ... ونمضي كما يمضي الآخرون بخفي حنين ...
في محطة خارج طرطوس وعلى الطريق إلى حمص كان الوضع أفضل بكثير .. تحقق الحلم خلال نصف ساعة و أقل وقضي الأمر ..
-
بعد أن شاع نبأ ارتفاع سعر البنزين هاجم السائقون بسياراتهم المحطات لملء الفراغ قبل صدور القرار .. بعض المحطات قررت صحة الشائعة , وحسب أحدهم أنه دفع بالسعر الجديد كغيره في طابور طويل في محطة بصافيتا ..
-
وبعد أن انخفضت كمية البنزين المخصصة لكل محطة حسب شائعة أخرى أو حقيقة واقعة .. بدأ أصحاب المحطات باللعب بالناس .. فهم لا يلتزمون بساعات دوام .. يغلقون متى أرادوا ويفتحون متى أرادوا والحجة انتهاء الكمية أو وصولها.
-
أما أصحاب السيارات المتمردة فظلوا يأخذون ما يريدون دون رقيب أو حسيب ..حتى بات حلم المواطن العادي , صاحب سيارة أن يملأ خزان سيارته بالوقود .. وخاصة من يعمل عليها كتاكسي ..
-
قال أحد السائقين بفرح : أنه ملأ خزان سيارته كاملا بعد انتظار دوره ثلاث ساعات , وأكد آخر أنه جال على كل المحطات في مدينة طرطوس دون جدوى .. وحدها كازية الدولة تعطي البنزين لكن الدور طويل جدا ويحتاج إلى طول صبر وطول عمر !!
-
وتحدث آخر عن تجاوزات أعادتني إلى ذلك اليوم المشؤوم حين اضطررت للسفر إلى حمص مع أخي ...
حتى لا أطيل .. أريد أن أخبركم خبرا سارا أكده لي شاهد عيان في محطة الدولة نفسها .. أن إجراءات جديدة وضعت يقوم على ضبطها وتنفيذها رجال أشداء تمنع تجاوز الدور وتعمل على تنظيمه فلا خيار ولا فقوس .. إلا رجال الجيش العربي السوري الذين لديهم مهمة وعليهم المضي في طريقها ..
يقول شاهد عيان آخر بفرح : أن محطة القدموس أيضا على الاتوستراد إلى اللاذقية وضعت حواجز تمنع دخول أكثر من سيارة عبر ممر ضيق منعا للتجاوز من قبل الرعاع .. وأن العمل يجري بنظام غير مسبوق وغير معهود ..
ويؤكد أصحاب الشأن في المحافظة قيامهم بجولات تفتيشية تفقدية على كل المحطات مما يفتح الباب واسعا على قضية شغلت المجتمع الطرطوسي لفترة حول استغلال أحدهم منصبه في مجلس المحافظة للحصول على الوقود بكميات أكبر وتصريفه عبر ابواب جانبية وقضايا تفتيشية سقطت بفعل التقادم أو ...
وعلى أمل إحقاق الحق وفرض النظام والقوانين على كل المواطنين .. لا فرق بين مواطن وآخر إلا بالحق ..
ليضحك في سره من لا يعنيه هذا الامر .. وأنا منهم .. إذ يكفي ما نعانيه أمام الفرن للحصول على خبز نأكله مجبرين .