سيريانديز - اللاذقية – عبير محمود
يتناسى السوريون ولو لبضع ساعات تأثيرات الحرب السلبية على نفوسهم فيصرون على تحديها بالفن والرسم وكل شيء ينعكس إيجاباً على حياتهم ، والإيجابيات لا تخلفها الحرب بقدر ما يصنعها الشعب الحي فتتمثل ببعث الأمل للنهوض من جديد .
وبالرغم مما تنحته الحرب بذاكرة كل سوري ينحت الفنان أحمد علاء الدين الحياة على خشب الزيتون مكوّناً قطعاً فنية تبعث الأمل من رحم الوجع ليؤكد بأن القادم أجمل .
( سوريا الأم ) .. " رغم جراحها تبقى الحضن الدافئ الذي يحمينا ويصون كرامتنا ، ولذلك علينا نحن كمواطنين أن نعمل على شفائها لتعود أجمل مما كانت " بهذه الكلمات تحدث الفنان النحات أحمد علاء الدين بلقاء خاص مع سيريانديز ضمن افتتاح معرضه الفني الأول - نحت على خشب الزيتون - بالمركز الثقافي باللاذقية ، مضيفاً : لم أقم معرضاً طيلة فترة عملي الطويلة بالنحت ، إلا أن ما تمرّ به سورية منذ خمس سنوات جعلني أفكر بإقامة هذا المعرض لنثبت لكل العالم بأننا صناع حياة داخل دائرة الموت المحيطة بنا ، بالإضافة لتشجيعي من عائلتي وأصدقائي حرصاً منهم على نشر الأعمال التي جسدتُ فيها مؤخراً -دون رسم مسبق- لأحداث نعيشها يومياً بظل الحرب التي تتعرض لها بلدي ، ومن هذا المنطلق أفتتح معرضي الأول بعنوان (سوريا الأم) ، سورية الجريحة التي تنزف دماً لحزنها على شبابها سواء الذين يضحون بأرواحهم دفاعاً عنها أو الذين يهاجرون بغية العيش بعيداً عن الألم والدمار الذي تتعرض له من قبل الوحوش الإرهابيين وهؤلاء مصيرهم معروف بالنسبة لكل سوري فلا وجود لهم بيننا وسيهلكون قريباً لتعود سورية أجمل مما كانت بفضل من بقي ليحميها وسيبقى ليعمرها من جديد .
وعن انتقائه لخشب الزيتون بأعماله يقول علاء الدين: في ظل غابات الإسمنت التي يتم تشييدها مع الأسف على حساب غابات الأشجار التي تشتهر بها اللاذقية أحاول أن أبقي لهذه الشجرة المباركة فائدة حتى بعد قطعها من قبل تجار البناء ، فهي تبقى متينة عريقة قوية تمثل الصلابة التي نحتاجها اليوم وفيها أرى لوحاتي مبنية على هذه الصفات لتبقى وتكون بمثابة "صرخة" ( اسم إحدى لوحاته ) تحكي وجعنا اليوم حتى لا تنساه الأجيال القادمة التي يتوجب علينا الالتفات لبنائهم فهم من سيصنع مستقبل بلادنا التي ستكبر بوعيهم وتمسكهم بهذه الأرض الطاهرة .
من جانبه أكد مدير المركز الثقافي باللاذقية ياسر صبّوح بلقاء مع سيريانديز أن دعم المركز لهذه الأعمال ينطلق من الإيمان بالإنسان السوري المبدع الذي من واجبنا أن نوليه الاهتمام حتى يستمر ويكمل دربه بشكل إيجابي فيكون محفزاً للناس ويخفف الضغوط عنهم والدليل حضورهم بكثافة لهذا المعرض ومعارض أخرى يطلعون من خلالها على الفن السوري والإبداع الشخصي لكل فنان ، فندعم كل مثقف حتى تصل رسالته للجميع لنحافظ على الصناعة الحقيقية وهي الثقافة الإنسانية فيبقى مجتمعنا مجتمع منتج بكل المجالات الأدب والشعر والمسرح والفن التشكيلي والنحت بكل أشكاله .