كتب ايمن قحف
على الأرجح،سأتخلى عن مشروع الدكتوراه في اقتصاديات الاعلام والتي كنت سأبحث فيها موضوع"جدوى الانفاق في الإعلام الرسمي السوري"،حيث كنت سأدرس الميزانيات التي تنفق على الاعلام الرسمي خلال عشر سنوات ومقارنتها بالتأثير الذي يحققه هذا الاعلام على الرأي العام داخل وخارج سورية ومساهمته في معالجة مشكلات الناس.. فرضيتي في البحث هي أن الانفاق أكبر بكثير من العائد،وكنت سأبحث بصورة منهجية الأسباب والحلول.. يبدو أن الظروف غير مواتية الآن،ولكنني مستمر بقناعاتي الراسخة بوجود فجوة كبيرة بين الانفاق والعائد المرتجى وطنياً ومادياً وتوعوياً ...إلخ سأتحدث في موضوع حساس وسيهاجمني كثيرون-كالعادة-ولكنني سأقبل الهجوم في سبيل تشجيع الحوار الوطني!
عندما تم اعلان وفاة معمل ورق دير الزور استنجدت الحكومة برجل الأعمال السوري المغترب نبيل الكزبري الملقب بـ"ملك الورق في العالم"لإعادة تأهيل واستثمار المعمل الميت،وقبل التحدي وتم-بصعوبة-ايجاد صيغة قانونية للتعاقد-وأقلع المعمل من جديد و نجح التحدي وكان الجميع ربحون إلى أن عصفت الأزمة بكل شيء!
عندما كادت المجمعات الاستهلاكية تفلس وأكلها الغبار تم استثمار بعضها بعلاقة مريحة مع القطاع الخاص استفاد منها الطرفان .. بالتأكيد لم تكن الأمور مثالية،لكنها أحدثت الفرق في الانتقال من الخسارة للربح والاحتفاظ بالعاملين وامتيازاتهم.. اسمنت طرطوس،وعدرا،تدار بعقلية قريبة بوجود القطاع الخاص
قاانون التشاركية سيساهم في علاقة واضحة المعالم بين الطرفين بحيث يتم استثمار الموارد بشكل أفضل
أعود لموضوع الاعلام،سأطرح أسئلة على وزارة الإعلام ووزارة المالية:كم تنفقون على قناة تلاقي وماذا تجنون من هذا الانفاق،اذاعة صوت الشباب ،صوت الشعب ،سوريانا،سوريا دراما؟!! ماهو العائد المتحقق من مؤسسة الوحدة وصحفها الورقية(الثورة-تشرين)والمواقع الالكترونية التي ورثت صحف المحافظات؟!! الأمر ليس تقليلاً من جهود الزملاء إدارات ومحررين وكوادر،بل سؤال اقتصادي يتعلق بجدوى هذا الانفاق؟
ما أريد قوله اليوم:لماذا لا نجرب إدخال القطاع الخاص في إدارة مؤسسة إعلامية خاسرة بحيث يتم منحه حق الادارة مقابل عائد معين والاحتفاظ بالعاملين،ووضع أسس صارمة للالتزام بالسياسات الاعلامية الوطنية وقانون الاعلام وتشكيل مجلس إدارة يراقب الأداء والالتزام ويقيم ويقوم التجربة
باعتقادي أن تنفيذ"مشروع رائد"بروح "التشاركية"سيعطي الفرصة للاستفادة من مرونة وعقلية وكفاءات القطاع الخاص،وسيحول الانفاق غير المجدي إلى أرباح مالية وإعلامية.. لا أريد مقارنة تجربة موقعي"سيريانديز"الذي يدار بموارد أقل من القهوة والشاي في أقل مديرية رسمية وكادر يعد على الأصابع مع بعض الاعلام الرسمي في التأثير والانتشار،ويمكن أن أتحدث عن شام اف ام مثلاً بمقرها البسيط وكادرها القليل وكيف أصبحت حالة مميزة في الاعلام السوري.. أطرح افكرة للنقاش مع قدوم حكومة جديدة وإدارة علمية جديدة وربما عقلية جديدة أيضاً؟!!
-
ملاحظة هامة:كتبت هذا النص منذ شهر ولم أنشره ،واليوم مع الحديث عن توقيف قناتي تلاقي والشرق الأوسط أحسست أنني قصرت بحق نفسي وأفكاري التي سبق وتحدثت عنها أمام الكثير من الزملاء في المفاصل الاعلامية..