|
|
|
|
رشاد كامل يكتب لسيريانديز: وزراء تحت قانون العاملين الموحد ؟!!! |
|
رشاد أنور كامل
ان التطور الطبيعي لدور الحكومات حول العالم ومن ضمنها سورية قلصت دور الوزير السياسي واعطته دور تنفيذي أو بالأحرى وللدقة استراتيجي تنفيذي ، فالوزير حول العالم ومنها سورية اصبح توصيف عمله يشبه الى حد كبير المدير التنفيذي لأي شركة كبيرة فهو واضع رؤى ومنفذ استراتجيات وصلة الوصل مع الجهات المستفيدة خارج وزارته وداخلها أي عمليا (CEO -Chief operational officer ).
واذا جمعنا مجموع الوزارء تحت مظلة واحدة يرأسها رئيس المجلس التنفيذي والذي يدعى حول العالم (Chairman)، والذي تتمركز مهامه على إدارة جلسات مكتبه التنفيذي المؤلف بحالتتنا من وزارء والتنسيق بينهم وإعطاء موافقته على خططهم التنفيذية والمالية ، وهذا تماما اذا عدنا بقوانينا الحديثة هو لب دور رئيس مجلس الوزراء.
اذا نحن نتحدث عن منظومة تنفيذية لها مواصفات تتعدى الدور السياسي تماما ، فلا مكان هنا الا للخبراء في قطاعاتهم ومن اعلى المستويات . أما العمل السياسي فقد تم ازاحته حكوميا لمجالس الامة والأحزاب ، فهي من يتابع أداء الحكومات وهي من يستجوبها وهي من ترفع الثقة عنها او تمحنها في متابعة اعمالها ، وهذه الحالة تشبه تماما حالة أصحاب الأسهم للشركات الخاصة ، واجتماع أصحاب الأسهم الكبار هو من يحدد مصير خطط واستراتيجيات واليات تنفيذ المدراء التنفيذيين بانواعهم .
ومن أجل أن يتحمل المدراء التنفيذيون كل هذه الضغوط بأنواعها ولأن فترة ولايتهم كما ندعوها في الغالب قصيرة ، فمكافآتهم المالية ومرتباتهم كبيرة ، فمن غير المنطقي ان تضع قائد لشركتك ليقودها الى النجاح دون ان تكون جاهز ا لأن تدفع اتعاب هذا القائد .
أحيانا يستهجن بعض الناس وخاصة ممن يشغلون مراتب وظيفية متوسطة وابتدائية في القطاعين العام والخاص الطرح العالمي لمكافئة المدراء التنفيذين بمرتبات ومكافآت نهاية عام قد تتجاوز 1000 ضعف راتب موظف عادي في نفس الشركة ، ودعوات اغلاق فجوات الراتب والتعويضات والمكافآت بين الموظفين المتوسطين والعاديين والمدراء التنفيذين تزداد يوميا مع عدم الاستجابة لها عالميا ، لا بالعكس اصبح الفرز الطبقي الوظيفي أمر في غاية الاهمية واحد اهم المحفزات لتطوير المهارات للافراد المتميزين إداريا والافراد القادرين على قيادة مؤسساتهم الى النجاح .
وعمليا يسير العالم بخطوات متسارعة للتخلص من مفهوم الموظف العادي والعامل البسيط وخاصة مع دخول تقنيات متقدمة جدا على مختلف الصناعات ودخول الخدمات الالكترونية على مختلف أنواع القطاعات الخدمية بما فيها الدولة ، وما الحكومة الالكترونية والذكية الا شكل من اشكال التخلص من الحاجة الى موظف عادي .
واصبح الضغط والتنافس على الربح والجودة حتى علىى مستوى القطاعات الحكومية أمرا لا مفر منه بعدما كان لعقود طويلة في سورية على الأقل من الأمور التي لا نتعاطى فيها .
ومع ذلك الى الان نطرح قوانينا للعمل بشكل محابي للموظف ذو الإمكانات العادية والمتدنية والمتوسطة ، ونحميهم، ونمكنهم بالوقت الذي نهمل فيه تماما حاجتنا الأساسية الى إيجاد قانون مواز للخبراء والمختصين والاداريين والمدراء التنفيذيين .
فالوزير في سورية والذي يفترض انه رأٍ س الهرم التنفيذي في وزارته والمساهم والباني بخططها الاستراتيجية المستقبلية يخضع في تعيبنه وتنحيته الى إجراءات خاصة بمجملها لا تخضع الى قانون العاملين الموحد الا في تحديد ما يمكننا ان نمنحه إياه من ميزات ومكافآت والتي تبقى أحيانا على شكل عيني من سيارات الوزارة او بعض النثريات من هنا وهناك ولكنها بمجملها وضعت تحت بند العرف والقرارات التنفيذية لرئاسة مجلس الوزارء وهي تحت مجهر كل موظفي الدولة وأعضاء مجلس الشعب والشعب نفسه ، فيحاسب الوزير منهم جميعا على ميزات فعليا لا قيمة لها (من اليوم الأول لوزارته)وفي هجوم موسع يشمل الاعلام والاشاعات الى يوم رحيله عن الوزارة . وضمن رحلته من يوم تعيينه الى يوم تنحيته مطلوب منه ان يقدم التخطيط والتنفيذ ومراعاة الحالات والحاجات للمواطنينوالوقوف امام قبة البرلمان والاعلام للمساءلة ، ومع ذلك اذا نظرنا الى راتبه او تعويضاته نجدها لا تتجاوز الضعف مثلاً عن أي مدير دائرة في وزارته .
بالمقابل لا تتم حماية الوزير ولا المدير العام من التسريح من مهامه وتنحيته تحت أي قانون ، ولا حتى قانون عاملين موحد ولا غيره (القانون رقم 50 لعام 2004نظام العاملين الاساسي في الدولةاسمه الان)، ولا يستطيع هو ان يسأل لما تمت تنحيته ، واعرف الكثير الكثير منهم لا يعرف لما كوفئ بالتنحية والتغيير رغم ادائه المتميز في وزارته .
فقوانيننا غير محابية للمدراء التنفيذيين ....
وحتى لا يفهم كلامي على انه ضد الموظفين العاديين ومتوسطي الكفاءه وحتى المبتدئين منهم ، لابد من توضيح أمر مهم في هذا السياق وهو حاجة بلادنا وخاصة الان الى إعادة جذب الخبرات التنفيذية العالية الى قبول مناصب حكومية استراتيجية ذات مردود يتناسب مع خبراتهم .
في الكثير من الأحيان كنا في سورية نلجأ الى التعاون مع المنظمات الدولية لتنفيذ مشاريع مقرة أساسا ومن ميزانيات سورية لا لشيء فقط لنتمكن من تعيين خبراء سوريين عبرهم برواتب تتناسب مع ما يتقاضونه مثلا خارج سورية او حتى داخل سورية في القطاع الخاص أو المنظمات الدولية . وكان ذلك احد الثغرات التي اضطرينا فيها كشف الكثير من مشاريعنا الحيوية امام المنظمات الدولية ومؤسساتها دون داعي فعلي وفوقها اعطيناعم نسبة 10% من قيمة كامل العقود كأجور اشراف من قبلهم.
كان عبر هذه العقود تعطى رواتب مايعادل بالدولار حتى العشرة الاف دولار للشهر الواحد ، وهي رواتب ليست كبيرة مقارنة بما يتقاضاه نفس الخبراء السوريين مثلا في أمريكا وأوروبا والخليج على نفس خدماتهم.
إن الرواتب القليلة التي حكمت الموظف السوري البسيط والمتوسط والعالي الاداء، أسست لقناعات ان الرواتب العالية من هذا النوع لاي كان حرام. ويصبح العمل التنفيذي عندنا وكأنه مهمة وطنية يجب ان تنفذ مجانا حتى ، وهذا غير واقعي وطرح شعبوي ، لم يساعدنا سابقا في الاحتفاظ بأفضل عقولنا الإدارية والتنفيذية ولن يساعدنا في النهوض باقتصادنا مرة أخرى وبسرعة.
فخبير واحد يعمل يساعة واحدة اكثر من 100 ساعة عمل لموظف عادي من حيث الإنتاجية الخدمية والفكرية، بهذه الحالة هذا الخبير يجب ان يتقاضى اجره عن ساعة عمله تلك 100 ضعف عن ساعة الموظف العادي ، وعلى فكره لا تتصوروا أن هذه المعادلة من اختراعي ، بل هي فعلا معادلة احتساب أجور الخبراء حول العالم ، بكل بساطة ...
وهناك من التنفيذين حول العالم الدقيقة من وقته تساوي 100 ساعة عمل حسب تسعير الحد الأدنى لساعة العمل.
المدير في العالم الذي يقدر دور التنفيذيين يأخذ في نهاية كل سنة عندما يحقق خططه المرسومة من 20 الى 100 ضعف عن راتبه كمكافأة وهذا جزء من عقده ومن حقوقه ، وتتنافس الشركات حول العالم على استقطابهم بميزات لامجال لطرحها الان ولكنها كلها تصب في الاستفادة من خبراتهم .
ان إيجاد منظومة المكافآت العالية هذه هي أساسا لجذب وتوطين الخبرات العالية بالإضافة الى انها احد أسس مكافحة الفساد في تلك المستويات ، فعندما يكون الاجر عادل لمن يجري صفقات بالملايين او بالمليارات سيساعد ذلك في عدم استسلامه بسرعة الى مغريات الرشوة وغيرها من أدوات الافساد .
ان إيجاد قانون يحكم التعاقد مع الخبرات التنفيذية العالية من وزراء ومعاوني وزراء ومدراء تنفيذيين ومدراء عامين ومدراء ماليين وغيرهم سيكون احد الضوابط والنواظم للعمل الإداري في سورية ، وسيكون محفزا لأي موظف للانتقال من ان يكون فقظ موظف عادي الى موظف تنفيذي عبر تحصيله العلمي ومثابرته وانجازاته المتراكمة .
في الازمات الكفاءات هي اسرع ما تخسره البلدان ، لأنها تجد طريقها ، ومكانتها في كل مكان ، واستعاضتهم عمل طويل ومكلف ، مكلف اكثر من دعوتهم للعودة للعمل عبر قوانين جديدة ناظمة تستفيد من خبراتهم وتعطيها حقها ... حقها كاملاً ...
لو أننا سألنا أي موظف سوري : هل تقبل ان يخضع وزيرك ومديرك لنفس الحماية التي تتمتع انت بها تحت قانون العمل : لكان جوابه الرفض حتما . فو يعرف ان معظم قوانين العمل تم تفصيلها لحماية مستواه وحمايته الفعلية من المساءلة السريعة.
ويبقى سؤالنا : ماذا لو كان بنفس السهولة يمكننا تغيير الموظفين وشكرهم على خدماتهم بنفس سهولة تغيير التنفيذين من وزراء وغيرهم ؟.
وماذا لو كان الوزراء والتنفيذيون تحت نفس حماية المرسوم 50 (قانون العمل) ، فلا تغيير لهم الا بنفس الإجراءات المنصوصة عليها بهذا المرسوم ... فهل سنعينهم بهذه السرعة ونحن نعرف انه لن يتم تنحيتهم الا باعجوبة ..... لا أظن.
اعيدوا النظر في المرسوم 50 كما تشاؤون واحموا العامل ...فهذا حق
ولكن حق الوطن أن نحميه أيضا بأفضل عقوله
فهل جهزتم قانون للمدراء التنفيذين السوريين وخبرائه ؟
|
syriandays |
|
السبت 2016-11-19 05:53:43 |
|
|
|
|
|
|
|