رسام حمد
استفاقت دمشق بالأمس بعد ليلة ساخنة على إنفاق فاحش لمئات الملايين من الليرات التي دخلت إلى جيوب أصحاب المطاعم والفنادق ومنظمي الحفلات والمغنيين ومرابع السهر ومن يلف لفيفهم و يصنف تحت عنوانهم !
ليس هذا رأس السنة الميلادية الأول الذي يمر والبلد ترزح تحت الحرب، ولكنه ربما الأصعب، فالعاصمة في أسوأ أوضاعها الخدمية من ماء وكهرباء ووقود، إلا أن كل هذا لم يمنع شريحة «أثرياء « العاصمة من قضاء ليلتهم في الأماكن الفارهة مع الطرب والعشاء والأجواء المخملية، في وقت ثمة من يقبض بيديه على السلاح ليحمي فرحتهم باستقبال عامهم الجديد كما الكثير من العائلات والأسر التي فقدت معيلها وأطفال حرموا بيوتهم وأمهات فجعن بأولادهن.
طبعاً هي صور متناقضة ليوم رأس السنة.. كمناسبة نحترم ونجل ولكن تعكس واقع الحال لغياب صورة التكافل والتضامن الإجتماعي الذي تفرضه الحرب والذي يجب ألا يكون اختياريا في مثل هذه الظروف.
تقول الوقائع أن أسعار تذاكر بعض الحفلات وصلت إلى 60 ألف ليرة وأخرى 50 و40 وأقلها 15 ألف ليرة للشخص الواحد وهذه الأسعار توضح ماهية وهوية ومواصفات الشريحة التي ارتادت هذه الحفلات وبالتأكيد ليس من ضمنهم موظفين ولا أحد من أصحاب الدخل المحدود , أما بعض الحفلات التي سجلت أرقاما قياسية لجهة الأسعار قد أغلق بعضها شباك التذاكر منذ الأيام الأولى للإعلان عنها.
قد يقول أحدهم بأن من حق الناس أن تفرح وأن تعيش مناسباتها كما يحلو لها كدليل على حب السوريين للحياة وهذا صحيح فالجيش يضحي لأجل أن تستمر الحياة وأن يعيش الناس حياتهم ولكن ماذا لو خصص ريع هذه الحفلات لمن يستحقها وكان الحارس الأمين لها لسنوات ست مضت ويستعد ليكون 2017 عام الانتصار على الإرهاب.؟!
بكل الأحوال ولكل من احتفل على طريقته وحسب إمكانياته وظروفه الاجتماعية نقول كل عام وسورية بخير ، ولكن لمن سهر من موقع المسؤوليات الأخلاقية والوظيفية والوطنية لهؤلاء سلام عظيم عظمة أبناء الجيش وحراس الثغور وحامي الحياة العامة ...ولكن للحرب ثقلها وللاقتصاد أوجاعه وللترشيد دعاته الحكوميون الذين يصرون على ضغط النفقات مؤسساتياً وإدارياً ..ولكن لا سلطة على «البطر» الفردي الحر الذي لا نملك صلاحية التعرض له سوى بالدعوة إلى التراحم والتكاتف والتكافل الاجتماعي والاقتصادي.
إنها دمشق وأخواتها المكلومات تستحق وسطية البصر والبصيرة التي تعطي حماة الديار العزيمة والقوة ولذوي الشهداء ريع محق وللمتضررين والمهجرين إغاثة ترفع عن كاهل الدولة كتفاً عريضاً يبقيها صامدة إلى الخلاص المنشود من كابوس الارهاب
هامش اخير :لا أحد يمكنه ان يحصي عدد ما أطلقه المستهترون في السهرة ولكنها بالتأكيد كلفت الكثير ضد الإرهاب، وهذا هدر آخر اكثر سوءا.