خاص سيريانديز- مودة بحاح
على بعد كيلومترات قليلة من المعارك الدائرة في أطراف دمشق، تجلس خيرات كل شهر مع مجموعة من الأصحاب والمعارف للتباحث في كتاب ما قرؤوه، ويتبادلون الآراء ووجهات النظر في محاولة منهم لخلق جو ثقافي في مدينتهم التي اتعبتها الحرب.
خيرات الداية هي واحدة من متطوعي فريق "معاً نقرأ"، هذه المبادرة الثقافية التي نشأت وكبرت في ظل الأزمة وتمكنت من إثبات وجودها، وبات روادها شخصيات معروفة تستقطبهم وسائل الاعلام للحديث عن تجربتهم أو التعريف ببعض الإصدارات.
وتقول السيدة الداية -وهي مشرفة صفحة المجموعة على الفيسبوك ومسؤولة العلاقات العامة في المبادرة- إنها تعرفت على الفريق من خلال أحد الأصدقاء، وحينما شاركت باللقاء الشهرية أُعجبت أكثر بالفكرة وباتت مواظبة على الانضمام.
وتوضح الداية أن الفريق منحها نكهة جديدة للقراءة، ففي الماضي كانت تقرأ لوحدها أما الآن فهي تقرأ بشكل جماعي وتتناقش مع الأعضاء ويتبادلون الأفكار.
وعن الأعداد الموجودة في الفريق، توضح أن الأعداد والتفاعل يختلف حسب المزاج العام وأوقات العام، فخلال فترات الامتحانات يتناقص العدد قليلاً ثم يعود للازدياد خلال العطل، ولكن بشكل عام يزيد الأعضاء على العشرة آلاف وهو موجودون في مختلف المناطق السورية وحول دول العالم.
وترجع بدايات فكرة "معاً نقرأ" لنهاية عام 2010 عندما طرحها شاب يدعى معن الهمة، وهو ناشط في العمل التطوعي والثقافي، وبالتعاون مع مجموعة من الأصدقاء طور الفكرة التي كانت بداية على شكل صفحة على الفيسبوك يتناقش أعضاءها شهرياً حول كتاب ما تتم قراءته خلال هذا الشهر.
وتوضح السيدة غادة كنجو -وهي من الفريق المؤسس- أن التجربة بدأت بحوالي المئتي شخص من المعارف والأصدقاء، واليوم توسعت وأصبحت تضم حوالي العشرة آلاف، ومع توسع الأعداد تفرعت عن مبادرتهم مبادرات أخرى متخصصة بالطب واللغة ومجتمع وحقوق وغيرها.
بعد حوالي العام من تجربتهم الافتراضية هذه قرروا نقلها لأرض الواقع وتنظيم لقاءات شهرية لمناقشة ما تم قراءته، وبالفعل أُقيمت لقاءات الشهرية مازالت مستمرة حتى اليوم.
وتوضح كنجو أن مبادرتهم شجعت الكثيرين على القراءة، خاصة وأن الكتب تُوضع على الصفحة على شكل نسخ "PDF"، وتُرفق بنبذة تعريفية ما يشجع الكثيرين على القراءة دون أي تكلفة مادية، كما تتيح المجموعة خدمة الكتب الصوتية التي تمكن من يستخدمها من سماع الكتاب الذي يريده دون الحاجة للقراءة.
نادي شام للقراء:
"معاً نقرأ"، لم يكن التجربة الوحيدة التي ظهرت خلال الأزمة، فثمة جهات ثقافية عدة ظهرت هدفها الاجتماع والقراءة فقط، بعيداً عن أي جدال سياسي أو ديني، في محاولة من المنظمين إعادة التقارب بين الناس وتناسي الحرب وأزماتها ولو قليلاً، ومن هذه المبادرات نادي شام للقراء وهو ناد قراءة تطوعي، غير ربحي، يهدف إلى تعزيز القراءة وإحياء دور الكتاب، كما يسعى إلى تعزيز مبدأ تقبل الآخر.
وتحدثنا السيدة هبة الله الغلاييني وهي من أعضاء الفريق الأوائل، أن فريقهم تأسس في الشهر العاشر من عام ٢٠١٤ بقيادة الشاب أحمد الطبل، وكان هدفهم قراءة ٣ كتب شهرياً عبر صفحة الفريق على الفيسبوك، على أن تتم مناقشتها لاحقاً خلال اجتماع شهري يُعقد تحت اسم (ساعات ثقافية ) مدته حوالي ٣ ساعات، وتتابع الغلاييني: "خصص الفريق لقاء شهري آخر باسم (آفاق ثقافية)، يقوم فيه أحد أعضاء النادي بمناقشة كتاب ما، أو ندوة شعرية أو أي نشاط ثقافي هادف".
كتابك على بابك:
وبعيد عن القراءة الجماعية، أطلقت مكتبة خواطر في منتصف العام الفائت مشروع عُرف باسم "كتابك على بابك"، وهو يعتمد على ميزة بيع وإعارة وتوصيل الكتب حتى باب المنزل، وذلك لإعادة إحياء الكتاب الورقي بحكم اعتماد أغلبية الشباب السوري على مواقع التواصل الاجتماعي، والكتب الإلكترونية.
تتم الإعارة من خلال التواصل مع صفحة مكتبة خواطر على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، عبر رسالة تتضمن اسم الكتاب والعنوان بالتفصيل، إضافة إلى المدة المحددة لاستعارة الكتاب، على ألا تتجاوز الشهر.
مؤسسو المشروع يؤكدون أن هذه التجربة منتشرة في ماليزيا واليابان منذ عام 2010، وبأسعار رمزية لخدمة ذوي الاحتياجات الخاصة، وأن نقل الفكرة إلى سورية جاء بسبب ظروفها الحالية، وكنوع من خلق نشاط جديد ودفع الشباب للعودة إلى الكتاب.
وبسبب الأسعار الرمزية جداً التي لا تتعدى الـ20 ليرة شهدت الفكرة نجاح كبير وإقبال فاجئ المؤسسين.
عودة معرض الكتاب السنوي:
في يوم الثالث والعشرين من شهر آب الفائت فتحت مكتبة الأسد أبوابها من جديد أمام الجميع، معلنة عن عودة الحياة إلى معرضها السنوية ومقررة في الوقت نفسها استرجاع ماضيه العريق ووضع حد نهائي لتوقفه الذي دام لحوالي الخمس سنوات، وترافق المعرض بحضور إعلامي هام وبنشاطات ثقافية تمثلت بتوقيع الكتب وإقامة اللقاءات الثقافية وعروض الأفلام.
غالبية من زار المعرض أكدوا أن عدد الدور المشاركة وأسعار الكتب لم تكن كما في السابق أبداً لدرجة اقتصرت زيارة البعض على قراءة العناوين أو شراء كتاب واحد بسبب ارتفاع الأسعار، كما لا يغيب عن من زار المعارض آثار الحرب التي ظهرت جلية في انتشار كتب السياسة والسير الذاتية لأشخاص عاصروا هذه الأزمة من مواقع مختلفة.
وفي اطار الجهود الحكومية أيضاً لتفعيل القراءة، تنظم مؤسسة توزيع المطبوعات معارض دائمة في الأرياف وغالباً ما تترافق بحركة بيع مقبولة نظراً لانخفاض الأسعار.