رسام محمد
عندما يختصر التعليم الذي يمتد لربع قرن - أي حوالي ثلث حياة الإنسان في حال اعتبرنا أن متوسط العمر 75 عاماً - بشهادة تعلق على الجدران.. وعندما يتم تحويله عن مساره بصفته ينتج الإبداع ويكون النواة لتطور المجتمعات، ليصبح أداة لتحصيل العلامات، عندها يمكننا القول إن أي محاولة للتطوير لن تكون إلا برغي في مكنة معطلة وهذه المكنة هي ((النظام التعليمي برمته)) وكل هذه الفوضى لم تكن الأزمة سببها كما ((يتذرعون)) بل إنها نتيجة للفراغ الذي يعيشه الطالب وسببه الدور السلبي للمؤسسة التعليمية وعدم قيامها بدورها كمسؤول اول عن بناء شخصية الإنسان..
إن من يراقب سير العملية الامتحانية وجهود وزارة التربية المضنية لضبطها، ومن يراقب تخبط وزارة التعليم العالي في قرارها حيال موضوع الامتحان الوطني الموحد وهل سيبقى ويتم التوسع ليشمل باقي الاختصاصات أم سيلغى بعد كل تلك الاحتجاجات من الطلبة وبعض ذوي الاختصاص، يدرك أن خللاً كبيرا يعاني منه النظام التعليمي برمته.
هذه الأثقال التي تنهض بها وزارتا التربية والتعليم العالي لتحسين مخرجاتهما ما هي إلا جهود مبعثرة تستهلك عمر الطلاب وإمكانيات الدولة ولن تودي بنا إلى المكان اللائق، كون هذا البلد هو من صدر العلم والحضارة إلى بقاع الأرض. يقول الواقع إن المناهج وطرائق تدريسها حولت عقل الطالب الى ((آلة تسجيل)) فإذا نظرنا إلى الامتحانات من اليوم الأول في المدرسة وحتى التخرج من الجامعة ولكل الفروع النظرية والتطبيقية تقريبا نجدها تقيس قدرة الطالب على الحفظ ليس أكثر، ولا وجود الى عمليتي التحليل والتركيب والتطبيق فيها؟
بلا شك أن هذا النمط أكل عليه الزمن وشرب مع اختلاف متطلبات العصر وربط التعليم بسوق العمل في البلدان التي تتطلع إلى الأمام ولا تبني أمجادها على التاريخ، وهنا يجب التأكيد أن هذه الطريقة في قياس المعارف هي من روح المناهج التي لم يتم تطويرها ضمن منظومة واحدة تراعي الاختلاف والتميز مع الحفاظ على أن تكون سلسلة مترابطة من المعلومات النظرية والعملية بشكل يبني الفكر لا يسطحه ويبني أشخاصاً متمايزين في التفكير الخلاق لا نسخ متطابقة.
لابد من الاعتراف أن الإمساك بآخر حلقة من السلسلة التعليمية «الامتحانات» لن يودي إلا إلى مزيد من التراجع وضياع الإمكانات والثروات البشرية الهائلة التي يثبتها أبناء سورية في المغترب حيث تكون الآفاق مفتوحة أمام الفكر.