سيريانديز – تمام ضاهر
ما تزال مدرسة الشهيد البطل جول جمال باللاذقية ، والتي احتضنت الطالب الفذ حافظ الأسد خلال سنوات دراسته الأولى قيد الإغلاق منذ سنوات .
المدرسة العريقة التي شهدت باكورة كفاح القائد الأسد الوطني ، ونضاله الطلابي مغلقة حتى اشعار آخر، فيما تتجاذبها أهواء أكثر من جهة رسمية، ترى في الاستحواذ عليها مصلحة لها ، وذلك نظرا لموقعها الهام في قلب الوسط التجاري بالمدينة ( ساحة الشيخ ضاهر ) ، ناهيك عن مساحتها الكبيرة ، وطابعها المعماري الذي يزيد عن 100 عام.
مراسلات للاستحواذ ..
ما بين مديرية الآثار والمتاحف ، ومديرية تربية اللاذقية، جرت مراسلات عديدة، حول استبدال موقع المدرسة الحالي بقطعة أرض مخصصة لإشادة متحف ، وتقع بالقرب من المركز الثقافي الجديد ، وهو موقع يمكّن مديرية التربية بحسب إحدى المراسلات ، من تأمين مقريشرف وبشكل تقني وحديث، على إنجاح العملية التربوية ، ويوفر ميزانية ضخمة لشراء أرض لبناء مقر جديد للمديرية في مركز المدينة ، مع الأخذ بعين الاعتبارأن المدرسة خالية من الطلاب منذ أعوام وحتى تاريخه ، وذلك بسبب أعمال التميم والصيانة المتوقفة منذ سنوات أيضاً.
يتابع الكتاب فيقول : إن المدرسة لم تعد تلبي احتياجات تطور تقنيات وأساليب العملية التدريسية ، من حيث ادخال التعديلات المعمارية عليها لأنها مسجلة أثرياً على لائحة التراث الوطني بموجب قرار وزارة الثقافة رقم 195 /أ تاريخ 11- 4 2007 .
ويخلص كتاب مديرية تربية اللاذقية إلى اقتراح الموافقة على مبادلة أرض المتحف المقترح الملاصق لمديرية الثقافة مقابل مدرسة جول جمال لأنه يحقق مصلحة التربية ، على أن تتم عملية الاستلام والتسليم بشكل قانوني وفق محاضر أصولية ، بعد صدور الموافقة النهائية من الجهات المعنية ، الأمر الذي لم يحصل بسبب رفض وزير التربية الموافقة على الاستبدال .
ما يقوله الواقع ..
ورد في كتاب مديرية آثار اللاذقية رقم 1172 / ص بتاريخ 13- 12- 2016 : إن تأخر إشادة المتحف المقترح لمدة 43 عاما ، على أرض العقار رقم 506 – 507 منطقة طوق البلد العقارية بمساحة 9 دونم ، والملاصقة للمركز الثقافي الحالي شجع العديد من الجهات العامة والخاصة لطلب اشغال الأرض كما تم تخريب جزء من السور المعدني سابقاً ، كما أن بناء هذا المتحف على الموقع المشار إليه سيكلف مديرية الآثار أكثر من مليار ليرة سورية غير متوفر منها شيء .
ويتابع الكتاب فيقول : هناك حالة استثنائية ومصلحة وطنية عليا تتمثل بإيجاد متحف وطني جديد يظهر الإرث الثقافي والوطني لمدينة اللاذقية ويشكل عنصر جذب سياحي وثقافي في قلب المدينة ، حيث ان مدرسة جول جمال تقع على العقار 149 منطقة الشيخضاهر ، جانب ساحة الشيخضاهر التاريخية الأهم بالمدينة ، وهي عبارة عن بناء تاريخي قديم عمره 100 عام ، وتتألف من طابق أرضي وأول ومؤلفة من عدة قاعات ، مع ساحة خلفية ، كما أن مساحتي الأرض متقاربة .
ويقترح الكتاب المشار اليه مبادلة أرض المتحف مقابل تحويل مدرسة جول جمال لمتحف وطني، لأسباب عدة منها خلوها من الطلاب وأعمال الصيانة والترميم المتوقفة مع العملية التدريسية ، وعدم تلبية المدرسة لاحتياجات تطور تقنيات العملية التدريسية من حيث ادخال التعديلات المعمارية كونها مسجلة أثرياً ، ناهيك عن وجود آلاف القطع الأثرية التي تنتظر عرضها في متحف وفق شروط صحية ، عدا عن الموقع الاستراتيجي للمدرسة على الساحة الأهم في المدينة وبناؤها التاريخي التراثي المميز .
ويخلص الكتاب فيقول : إن الاستبدال يوفر سنوات من الزمن في بناء المتحف المقترح ، ويوفر ميزانية ضخمة لبنائه ، مقابل الاكتفاء بالترميم لتحويل المدرسة الى متحف ، استثمار قاعات ومساحات وباحة المدرسة في عرض القطع الأثرية وفي الهواء الطلق .
ما تختزنه الذاكرة ..
ثمة رأي ثالث يعبر عما تختزنه ذاكرة أبناء المدينة ، حول جول جمال البطل والمدرسة ، واحتضانها مسيرة الطالب الفذ حافظ الأسد ، عن هؤلاء يقول عضو مجلس الشعب السوري الأسبق د. ثائر قدسية : إن مدرسة جول جمال بُنيت لتكون مدرسة ، وقيمتها الحقيقية تنبع من عدة نواحٍ ،
كونها المدرسة الأكبر في المدينة والأعرق والأقدم ، ولها قيمة وطنية فمنها كانت تخرج المظاهرات الطلابية المطالبة بالاستقلال ، وأيضاً المطالبة فيما بعد بالإصلاح ، إبان ثورة آذار المجيدة ، وكان ممن قادوا تلك المظاهرات الرئيس الخالد حافظ الأسد .
ويضيف د. قدسية : هذه المدرسة هي ذاكرة للأجيال المتعددة التي تعلمت فيها ، ومعظم هذه الأجيال تحمل في ذاكرتها ذكرى طيبة لها ، وعلى رأس هؤلاء الرئيس الراحل حافظ الأسد .
عدا عن أن المدرسة بما تحمله من تسمية هي تخليد واحترام لروح الشهيد البطل جول جمال البطل التاريخي ، الذي يشكل مصدر فخر لمدينة اللاذقية ، وأبناء اللاذقية لا يقبلون أن يمحى اسم الشهيد البطل مع تغييب هذه المدرسة .
لا تصلح المدرسة لإنشاء متحف كون قاعاتها صغيرة وصفية ومخصصة للعملية التدريسية .
لنا كلمة :
بناءً على ما تقدم نطالب بالاسراع في تحديد مصير مدرسة الشهيد البطل جول جمال ، واتخاذ قرار نهائي يحفظ ارثها التاريخي ، بما يحقق مصلحة اللاذقية المدينة والارث والذاكرة ، مع التشديد على عدم الإبقاء على نوافذها مشرعةً تلعب فيها أصابع الهواء والأهواء ..