بورصات وأسواق- مودة بحاح
ما بين إعلان الحكومة الحالية بخصوص إعادة تأهيل مطار دمشق الدولي، والذي أثار حفيظة وزير النقل السابق ودفعه للكشف عن دراسة سابقة تم إهمالها، ظهر موقف ثالث قدمه الصحفي أيمن القحف حينما كشف تفاصيل دراسة هامة نفذتها واحدة من أكبر الشركات العالمية المعنية بقطاع النقل الجوي والتي يرجع تاريخها لما قبل عام 2002.
مفاجأة من العيار الثقيل فجرها وزير النقل السابق غزوان خيربك، حينما أكد وجود دراسة سابقة مفصلة ومعمقة تتعلق بإعادة تأهيل مطار دمشق الدولي، وهي دراسة أنفق عليها وفريقه سبعة أشهر من العمل المتواصل، ولكن بعيداً عن الضوضاء والتصريحات الصحفية، وبمجرد الانتهاء منها ارسلها للجهات المعنية التي نسيتها ربما، والدليل تصريحات وزير النقل الحالي عن التحضير لدراسة مشابهة.
خيربك قال في تصريح خاص لبورصات وأسواق: "أرجو أن تتأكدوا من أي جهة ذات صلة أننا درسنا موضوع مطار دمشق الدولي على مدى سبعة أشهر مع المعنيين الموجودين على رأس عملهم والسابقين والمختصين والمدعين بمعدل كل أسبوعين مرة ( يوم الأربعاء الساعة 8.30 صباحاً) وبإدارتي شخصياً وخلصنا إلى تصور لن يستطيع أحد تجاهله"، وتابع: "طبعاً المحاضر الأسبوعية موجودة والخلاصة النهائية (التي أسميتها شخصياً تحت دراسة) موجودة أيضاً، وقد سلمنا نسخةً منها إلى هيئة التخطيط والتعاون الدولي لعرضها على الجهات الخارجية، كما راسلنا الوزارات المعنية / الدفاع - الإدارة المحلية - الاسكان -السياحة -... لأخذ رأيها وهواجسها بالاعتبار.
وأوضح خيربك، أنه خلال دراسته السابقة حرص أن يكون المشروع بمثابة عقدة نقل متكاملة بحيث شاركت السكك الحديدية والمواصلات الطرقية، ويؤكد أنهم رغم إيمانهم بأن الظروف لم تكن تسمح يومها بتنفيذ ما درسوه لكنهم أرادوا وضع وثيقةٌ للأجيال القادمة، وختم: "كان العمل هاجسنا وبصمت وبدون ضجيجٍ إعلامي وبمبادرةٍ منا وليس بطلب مؤمنين أن واحبنا هو الإعداد للمستقبل"، وهي وثيقة للأسف تم إهمالها أو تناسيها، كما تم تناسي أخرى نفذتها كبرى الشركات العالمية، وهنا يستحضر الصحفي أيمن القحف تجربة سابقة له عايشها وتتعلق بهذا الملف، حصلت في باريس عام 2009 حينما كان في زيارة برفقة النائب الاقتصادي السابق عبدالله الدردري، واجتمعوا يومها مع رئيس مجلس إدارة شركة فينسي الفرنسية وهي ثالث أكبر شركة في العالم تعمل في مجال البنى التحتية وإنشاء المطارات، وهو أيضاً مفوض الشؤون النقلية في الاتحاد الأوروبي، وهو رجل مهم كما يصفه القحف.
ويتابع القحف بأن الدردري شرح يومها رغبة الحكومة بالتعاون مع الشركة لإنشاء مطار دمشق الدولي الجديد، ولكن الصادم في الأمر كان جواب رئيس مجلس إدارة شركة فينسي، إذ قال بالحرف: "لقد طلبت منا الحكومة السورية دراسة عن مطار دمشق الدولي الجديد عام 2002 وأنجزناه خلال ستة أشهر نحن شركة نعمل في 62 بلد، ولدينا حوالي الـ 170 ألف عامل وليس لدينا الوقت لننتظر الحكومة السورية ست سنوات حتى تقرر ماذا تريد"، ويختم القحف قائلاً: "الخلاصة أننا أضعنا فرص كبيرة كثيرة، وبدلاً من نعمل مع شركة كبيرة ومرموقة ذهبنا إلى شركة موهيبا الماليزية التي قامت بتطوير بسيط لقاعة الركاب، وكانت كلفته عالية والنتائج هزيلة، وتم التحقيق مع عدة أشخاص بسببه، كما تم معاقبة بعضهم ومازلنا نضيع الزمن".
مطار من دون مكيفات:
الذهاب اليوم إلى مطار دمشق الدولي لن يشكل بالنسبة للمسافرين أو المرافقين متعة بحد ذاته كما يحدث في كثير من مطارات العالم، ويصف رئيس نقابة عمال النقل الجوي بدمشق قحطان أحمد واقع هذا المطار بالمزري، مؤكداً عدم جاهزيته من الناحية الفنية لخدمة أكثر من ثلاث طائرات كحد أقصى، نظراً لتعطل أغلب المعدات الأرضية لقدمها وعدم جاهزيتها .
وجاء كلام أحمد خلال الاجتماع الدوري الأسبوعي لرؤساء النقابات مع رئيس وأعضاء المكتب التنفيذي لاتحاد عمال دمشق، إذ أوضح عدم وجود أي مكيف أرضي لخدمة الطائرات، وتعطل جميع المكيفات، إضافة إلى البطاريات الأرضية والخاصة بتوليد الطاقة للطائرات التي لم يعد يعمل منها سوى واحد او إثنين على أبعد تقدير، بالإضافة إلى تهالك سيارات الخدمة وتعطل الفناكر وقدم تجهيزها الداخلي عدا عن الخدمات ضمن صالة المطار من حيث الأدراج المتحركة المتعطلة، والتي تناوب أربع وزراء على وزارة النقل ولم يتم اصلاحها حتى الآن.
وتابع أحمد: "المشكلة الأكبر وهي تعطل التكييف ضمن صالة المطار الرئيسية وذلك بسبب قدم دارات التشغيل للمكيف والتي أصابها الصدأ، ومازالت تعمل أكثر من ثلاثين عاماً، وأصبح من غير الممكن إصلاحها، فتعطل التكييف في الصالة الرئيسية أدى إلى الإرهاق والتعب الشديد لدى موظفي المطار، وأصبحت بيئة العمل لاتلائم العمل المطلوب عدا عما يعانيه المسافرون من ذلك، مطالباً بضرورة الإسراع بصيانة هنغار الطائرات والذي يعمل ضمنه حوالي /800/ عامل بسبب سقف الهنغار غير آمن لا بالنسبة للعمال ولا بالنسبة للطائرات .
إنشاء مطار جديد
الجدير ذكره، أن وزير النقل المهندس علي حمود عقد مؤخراً اجتماع نوعي بخصوص قطاع الطيران، وبحث فيه الاحتمالات والرؤى حول جدوى إنشاء مطار جديد أو التوسع في المطار الحالي، من أجل الخروج بمقترح واضح وذلك تمهيداً لعرض المشروع على رئاسة مجلس الوزراء.
وشدد الوزير حمود على الحاجة لوجود بنية تحتية مؤهلة قادرة على استيعاب أكبر عدد ممكن من الطائرات، وتلبي احتياجات المسافرين سواء القادمين أو المغادرين، وبما يتماشى مع المعايير العالمية للسلامة الجوية وأنظمة الجودة المتبعة، إلى جانب التصور اللازم حول الطاقة العظمى الاستيعابية المحتملة لعدد الركاب ضمن رؤية إستراتيجية بعيدة المدى، والأخذ بعين الاعتبار المحافظة على الطاقة التشغيلية للمطار بصورته الحالية وفق أية رؤية يتم تبنيها سواءً (بإنشاء مطار جديد-أو توسيع الحالي-أو بناء صالة جديدة)، وغيرها من التوصيات كما كلف الوزير يومها المؤسسة العامة للطيران المدني بالاستعانة بشركة متخصصة لدراسة إنشاء صالة ركاب جديدة مع كامل ملحقاتها الخدمية والتشغيلية وإعادة تنظيم، وتأهيل مطار دمشق الدولي بالشكل الذي يتناسب مع أفضل المعايير والمواصفات العالمية.