سريانديز - دريد أكرم زينو
لم تمضِ لحظات قليلة على بدء حفل افتتاح معرض دمشق الدولي بدورته ٥٩ والذي اقتصر على الحضور الرسمي حتى أقام السوريون المحرومون من حضور الحفل وعبر صفحات التواصل الإجتماعي بإعلان النصر الدمشقي على الحرب الطويلة، لحظات أخرى وعاد السوريون ذاتهم ليبدأوا بانتقاد الأخطاء الكثيرة التي مرّت على الافتتاح، ونحن نعلم جيداً أن لاشيء يمرُّ على السوري مرور الكرام.
لست بصدد انتقاد المعرض ولا حفل افتتاحه والذي أتمنى حقاً لو أنهم اكتفوا بتسجيل صوتي للسيدة فيروز بدلاً من النشاذ الذي قُدِّم فشوه إرثها .. أو كان بإمكانهم الإكتفاء بالكورس لينشد أغانيها فنشعر أنها هناك .. كما أنني لستُ بصدد انتقاد الأخطاء اللغوية الكثيرة والمسيئة للمستوى الثقافي واللغوي السوري وخاصة بحضور كالذي كان في الافتتاح. أيضاً لست أرغب بانتقاد طريقة جلوس المسؤولين والضيوف والوفود المشاركة والتي لم تذكرني سوى باحتفالاتنا المدرسية و"الصفقة الطلائعية" .
لست أريد انتقاد عرض "الديناصور" المتحجر ولدينا منه ما هو حيٌّ يرزق، ولا انتقاد قرص "المعمول" الفضائي الذي سننتقل به إلى سطح القمر، ولا السيارة الشمسية التي جاءت متأخرة ٤٠ عاماً، ولا الصورة التي جمعت قرطاسية المدرسة مع "كروز دخان حمراء طويلة" وربما قصيرة، ولا ولا ولا .... إلخ.
لا أريد السؤال لماذا لم تقم اللجنة المنظمة بإشعال سماء دمشق وحمص وحماة واللاذقية و و و وكل المحافظات السورية بالألعاب النارية .. لماذا لم يحاولوا أن يرسموا ابتسامة على وجه قاسيون فينيروا لوحته !!؟؟ لم تكن الغاية يوماً من الصحافة هي النقد أو المديح ولكن الإعلام كان وما زال يستطيع أن يرجح كفة على أخرى، وهذا ما غاب عن وزارة الإعلام الموقرة في طريقة التغطية التي قامت بها لهذا الحفل. المعرض وبعد توقف لسنوات وفي ظروف كهذه يستحق أفضل من هذا بكثير .. كان عليها أن تجعله يرقى لإعلان النصر بكل ماتعنيه الكلمة.
سبع سنوات من الحرب ومازلنا نناشد ونرجو أن يصل إعلامنا لمستوى هذه الحرب الكبيرة. سبع سنوات حرب جعلت من كل سوري إعلامياً وصحفياً مدافعاً عن وطنه، ولكنها لم تستطع أن تجعل من وزارة الإعلام خط الدفاع الأول على جبهة الصحافة العالمية بكافة أشكالها المسموعة والمقروءة والمرئية .. أنا وكوني لست أكاديمياً قد لا يحق لي الخوض في النقد وتفاصيله، لكنني كمواطن سوري يحق لي القول أنني لم أستطع متابعة الحفل عبر شاشات التلفاز .. وهربت إلى صفحات الفيس بوك لمتابعة مايقوم بنشره الأصدقاء الصحفيون الموجودون في الحفل، وهناك وعلى تلك الصفحات استطعت حقاً الشعور بأن هذا الحفل وهذا المعرض هو الإعلان المبدئي لنصرٍ نهائي يقوم بتسطيره حماة الأرض والعرض رجال الجيش العربي السوري بدمائهم وصمودهم وتضحياتهم . فكل التحية والإجلال لأرواح من ضحوا وقدموا الغالي والنفيس لأجل أن يتمكن السوريون اليوم من الحج إلى أرض المعارض في محاولة جديدة منهم للحياة ..