رسام محمد
من المصطلحات المتداولة في حياتنا اليومية مصطلح «الموافقة الأمنية» وهي وثيقة مطلوبة في كثير من مناحي الحياة، فالحصول على وظيفة أو منصب يتطلب «موافقة أمنية» وترخيص لجامعة أو مدرسة أو مصنع أو جمعية خيرية يتطلب نفس الموافقة، وبيع أرض أو مسكن وحتى إقامة حفل فني جميعها تتطلب «موافقة أمنية» وهو أمر اعتدناه منذ عقود وتعايشنا معه بل وأدركنا أهميته وضرورته في زمن الحرب.
تركز الموافقات الأمنية على تفاصيل كثيرة لكنها لم تمنع حصول الفساد في مؤسسات الدولة أو في ممارسات أصحاب الأعمال ذات العلاقة بالمجتمع وبشرائح واسعة من المواطنين.
إن المتأمل في حالات الإساءة إلى القانون وأخلاقيات المجتمع والآداب العامة والمواطنين سيجد أن القاسم المشترك الأعظم بين المسيئين من أصحاب القرار في الشأن العام أو الخاص هم أناس لا يتمتعون بالسوية الأخلاقية الجيدة ولعلنا لا نبالغ إذ نطلب أن تكون هناك «موافقة أخلاقية» يجب الحصول عليها قبل إجازة تسلم الوظيفة العامة أو المنصب أو منح الترخيص.
نستذكر هنا نظام المحلفين في بعض الدول حيث تستعين المحكمة بأشخاص يمثلون المجتمع من ذوي السيرة الحسنة ومن بيئة المتهم وهم الذين يقررون في النهاية إن كان المتهم مذنباً أم لا.
علينا أن نشكل في مجتمعنا هكذا هيئات اجتماعية تجيز منح «موافقة أخلاقية» تتيح الحصول على الترخيص أو المنصب
إذ من الصعب على أي شخص أن يخدع هيئة محترمة من عشرة أشخاص مثلاً مشهود لهم بالنزاهة والسيرة الحسنة من أبناء بيئته وهؤلاء يدركون حتماً مسؤوليتهم الأخلاقية تجاه من سيجيزون ترشيحه.
ربما عبر هذه الآلية يمكن أن نعيد للمجتمع دوره وللأخلاقيات العامة اعتبارها ومشاركتها في صنع القرار وحماية المجتمع.
عندها لا يمكن أن يحصل من يضرب أولاده على رخصة روضة أطفال أو مدرسة ولا متحرش على ترخيص جمعية لحماية المرأة ولا محتكر على منصب في حماية المستهلك !؟