خاص- سيريانديز- سومر إبراهيم
ملف الحمضيات يسخن في هذا التوقيت من كل عام دون أن نلاحظ أي تطور لجهة تخليص الفلاح من عبء محصوله الذي بات نقمة عليه كل موسم، فالإجراءات الحكومية لاتكاد ترتقي لمستوى التنفيذ والتصريحات لاتطرب آذان المزراعين، فهل سنسمع نفس المعلقات هذا العام ونرى حمضيات سورية توزع مجاناً للتخلص منها كما حصل العام الماضي ...؟؟
«سيريانديز» التقت مدير مكتب الحمضيات بوزارة الزراعة المهندس سهيل حمدان الذي كشف أن التقديرات الأولية للإنتاج لهذا العام تبلغ 1,037 مليون طن، منها حوالي 785 ألف طن في اللاذقية و252 ألف طن في طرطوس، حيث تبلغ تقديرات إنتاج مجموعة الحامض 145 ألف طن والبرتقال ما يقارب 644 ألف طن ، واليوسفي بأنواعه 206 آلاف طن ، والليمون الهندي 410 آلاف طن ، لافتاً إلى أن المساحة المزروعة بالحمضيات تبلغ حوالي 43 ألف هكتار منها حوالي 33 ألف هكتار في اللاذقية و 9 آلاف هكتار في طرطوس .
وبين حمدان أن في سورية عدد أشجار الحمضيات يتجاوز 14 مليون شجرة منها 13,5 مليون شجرة مثمرة مزروعة في 357 قرية أغلبها في اللاذقية ويعمل بها 56556 عائلات .
وأوضح حمدان أن هذا الإنتاج الضخم كل عام الذي يتمتع بكل مواصفات الجودة من حيث اللون والطعم والنكهة والمهم خلوه من الأثر المتبقي للمبيدات نتيجة تطبيق وزارة الزراعة لبرنامج المكافحة المتكاملة على كامل مساحة الحمضيات السورية منذ 1997، ورغم ذلك لم يرافقه أي اهتمام وتطوير في تقنيات الفرز والتوضيب المختلفة التي تحتاجها ثمرة الحمضيات بعد القطاف بهدف التصدير، باستثناء عدد قليل من المشاغل المتطورة التي تم إنشاؤها، وحتى هذه الشاغل المتطورة بنظر البعض حالياً تفتقر لأهم مرحلة وهي الفرز الضوئي الذي يضمن فرز الثمار حسب اللون والحجم وخلوها من الآفات أو الكدمات التي لايمكن للعين البشرية ملاحظتها، وهو ما يبرر فشل العملية التصديرية للأسواق العالمية خلال السنوات السابقة وبكميات كبيرة حتى تاريخه.
وأكد حمدان أن نجاح تصدير عشرات البرادات لا يشكل أية قفزة نوعية على مستوى المحصول لأن هذا النجاح لا يتجاوز 1% من إجمالي الحمضيات في أحسن الأحوال، لافتاً إلى أن اقتصار التجار وأصحاب مشاغل الفرز والتوضيب بالتسويق إلى العراق والتي تعتبر كسوقٍ سوريّة داخلية أي أنها لا تحتاج لعمليات فرز وتوضيب عالي الدقة وبالتالي لم يحصل تطور يمكن ذكره في هذا المجال وحسب المواصفات العالمية أي "تحوي جميع مراحل الغسيل والفرز والتشميع والتوضيب".
وقال حمدان: إن ما وصل إليه وضع الحمضيات حالياً وخاصة بعد صعوبة الوصول للأسواق العراقية وتراكم الإنتاج في الأسواق المحلية والانخفاض الكبير في أسعاره جعل المزارعين يبدؤون بإهمال هذه الشجرة من ناحية تأمين مستلزمات نموها وإنتاجها والبعض القليل بدأ يفكر ببديل عنها ليؤمن لقمة عيشه، مقترحاً للحفاظ على هذه الشجرة : وضع رؤية إستراتيجية وخطط واضحة توصّف الواقع والحلول اللازمة من الناحية الزراعية والتسويقية والتصنيعية للحمضيات ، وتقديم الدعم العيني وليس المادي على شكل تنفيذ شبكات ري متطورة وتأمين مستلزمات الإنتاج بكميات كافية من أسمدة ومحروقات وطاقة ، وتنفيذ حملات سنوية مجانية لمكافحة ذبابة فاكهة البحر الأبيض المتوسط من خلال تعليق المصائد واستخدام الفرمونات الحديثة والأساليب المتطورة المعروفة عالمياً، لأنها تعد من أهم الآفات الحجرية على مستوى العالم والتي قد تعيق عملية تصدير الحمضيات إلى الأسواق العالمية مستقبلاً، وتأمين الأسمدة اللازمة N-P-K وبالكميات الكافية منعاً لتحكم السوق السوداء بالأسعار كما يحصل حالياً، وأتمته أعمال سوق الهال لتقوم بدورها كوسيط فقط وليس كمحتكر أو تاجر يتحكم بالمنتج والمستهلك وبالتالي تخفيض فرق الأسعار بين سعر الجملة من المنتج وسعر المفرق لدى المستهلك والذي يتجاوز 100% أحياناً، والتواصل مع الجهات المعنية لتشجيع إقامة مشاريع استثمارية لمراكز فرز وتوضيب مؤهلة حسب الشروط المتعارف عليها عالمياً بهدف تأمين منتج موضب وجاهز للتصدير حسب شروط الأسواق الخارجية مما يحقق قيمة مضافة كبيرة جداً تعود بالفائدة على جميع العاملين في هذا المجال من الإنتاج حتى التصدير.
وذكر حمدان أن مصير معمل العصائر المقترح إقامته في اللاذقية لايزال مجهولاً، حيث وضع حجر الأساس له في 2015، والدراسة الفنية منتهية وموافق عليها وجميع المؤشرات الاقتصادية فيها جيدة ولكن ...!!؟؟ ، منوهاً أن تكاليف زراعة وخدمة الحمضيات حتى باب المزرعة تعتبر من أخفض التكاليف مقارنة ببقية أشجار الفاكهة المثمرة في سورية، وحتى على المستوى العالمي فإن تكاليف إنتاج الحمضيات لدينا لا تتجاوز 0.07 دولار للكيلو غرام بينما متوسط سعر الحمضيات العالمي حسب أسواق الجملة العالمية هو 1 دولار للكيلو غرام وبمقارنة بسيطة يمكننا تقدير المبالغ الضخمة التي لم نستطع الاستفادة منها حتى تاريخه وتضيع علينا في كل موسم.
وختم حمدان : 1 مليون طن لايمكن لجهة حكومية أو مجموعة قليلة من التجار تسويقه ، فالأمر بحاجة لأموال كبيرة لفتح عدة قنوات تصريف، فالسوق المحلية في أحسن الأحوال لاتستهلك أكثر من 500 ألف طن ، مما يعني بقاء 500 ألف طن مجهولة المصير حتى تاريخه ، مضيفاً مليار كغ حمضيات قيمتها عند باب المزرعة يتجاوز 50 مليار ليرة سورية ، والنجاح بتصدير 100 ألف طن فقط (10% من إنتاجنا) حسب المواصفات العالمية يعني إيرادات بقيمة 100 مليون دولار حسب الأسعار العالمية أي (50 مليار ليرة سورية) ، وعلينا جميعاً العمل لتحقيق هذه المعادلة وجعلها أمر واقع.