أيمن قحف
أعود إلى مصر بعد غياب عدة سنوات،بعد أن كنت أزورها سنوياً أكثر من مرة..
حالي مثل أي سوري –طبيعي- أحب مصر وأهلها ولا أشعر بالغربة فيها،أعرف ناسها الطيبين وشوارعها ومؤسساتها و أسواقها ومقاهيها،وأعشق نيلها وتاريخها..
لا يمكنني ،وأنا في مصر،أن أكتب افتتاحيتي إلا عن مصر...
في المطار تغيرت الدنيا والمعاملة،بسبب سوريين باعوا روحهم للشيطان مقابل بعض المال أو التحريض أصبح السوري يعامل بصورة سيئة –حتى من لديع فيزا أو موافقة أمنية للدخول،وتجد الاسرائيلي يدخل بدون تعقيدات ،وحتى السعودي المتشرب بالارهاب،لا يعتبرونه خطراً لكن السوري خطر حتى لو كان رئيس جامعة أو طالباً مبدعاً!!
الطريق إلى #شرم_الشيخ طويل جداً وقاس في البر ولديهم حواجز أكثر بكثير مما بين أي مدينتين سوريتين!!
شرم مدينة السلام تم تجهيزها لاستقبال السياح والوفود والمؤتمرات كما يجب،وهناك يحصل السائح على معظم ما يبحث عنه بسهولة وبكلفة مقبولة،و على الرغم من أن بحرنا أفضل بكثير من بحرهم إلا أنهم يستغلونه أفضل منا،كما أنهم نجحوا في خلق "داون تاون" في شرم اسمه خليج نعمة مخصص للمشاة وفيه المطاعم والمقاهي والفنادق والخدمات والهدايا والترفيه،بينما فشلنا حتى الآن في تأمين هذا المكان الذي يعطي الهوية السياحية لأي مدينة..
في #المسابقة_البرمجية وبمشاركة 124 فريق من 16 دولة عربية فاز الطلبة السوريون بثلاث ميداليات فضية وبرونزيتين وتأهلوا للنهائي العالمي ليثبتوا مكانة العقول السورية.
في طريق العودة من شرم إلى #القاهرة بالطائرة قرأت عن العاصمة الادارية الجديدة لمصر (ميد تاون) التي ستبعد 60 كيلو متراً عن القاهرة وستتسع لمليون ونصف عامل وثلاثة ملايين ونصف ساكن وفيها ابداعات هندسية أثارت حفيظة الشعب المصري!!
تذكرت مشروع المدينة الحكومية الذي نتحدث عنه منذ 15 سنة دون بدء أي خطوة!
في القاهرة بدأت من مدينة الرحاب،يصفها البعض متهكماً بأنها "مستعمرة سورية" ففيها عشرات آلاف السوريين الذين جعلوها من أرقى المناطق وأكثرها تطوراً حيث سكنت نخبة السوريين..
للحقيقة يعترف المصريون بأن قدوم السوريين رفع سوية الطعام والترتيب والنظافة حيثما حلوا، واستغلهم البعض برفع الايجارات والعقارات لكنهم ربحوا أكثر وأدهشوا الجميع..
السفيرالدكتور رياض سنيح رئيس البعثة الدبلوماسية السورية يرى أنه من "محاسن "الأزمة أنها عرفت العالم بسوية الشعب السوري الأخلاقية والمهنية والحضارية..
السوريون أصبحوا أساتذة الصناعة النسيجية بداية من الخيوط ومن ثم الجينز والاقمشة مع أبو كامل شراباتي والألبسة القطنية مع باسل سماقية قبل الأزمة وصولاً لصناعة الألبسة الجاهزة اليوم،وسادة المطاعم بلا منازع..
هناك تجمع نشيط لرجال الأعمال السوريين يرأسه المهندس خلدون الموقع وقد قاموا بتكريم مميز للفرق السورية الفائزة في المسابقة البرمجية وهناك جهود لتأسيس جالية سورية وهناك نقاش حول دور السوريين في مصر في مرحلة إعادة الإعمار وكانت زيارة السيد محمد السواح منذ أيام مفيدة بهذا الخصوص ولا سيما لعودة الصناعيين للعمل في سورية المنتصرة..
مصر في عهد "الديمقراطية والحرية"تبدو أكثر تمسكاً بحكم الشخص الواحد،ولا أعرف بالضبط على ماذا "ثاروا"ضد مبارك،ولكن الحمد لله أنهم ثاروا ضد الاخوان المسلمين العدو الأكبر والتحدي الأكبر لمستقبل مصر والمنطقة برأي الكثيرين هنا..
أعتقد أن الأمور –بحكم التاريخ والمنطق-ستعود إلى طبيعتها بين سورية ومصر، وستنتصر إرادة الشعب في البلدين على الخلافات السياسية، ولا سيما أن الشارع المصري فهم التضليل ضد سورية جيداً، بل لا يتورع كثيرون عن المجاهرة بمحبتهم للسيد الرئيس بشار الأسد،بل أن صديقي الكوافير الأشهر في مصر رضا حماد قال لي :"قول للريس بشار أننا لازم نبوس رجلو مش بس ايدو لأنو بيحارب الارهاب عننا كلنا"!! فقلت له أن الرئيس الأسد لا يبحث عمن يقبل يده ولا رجله، بل يبحث عن أصحاب الضمائر الحية في هذا العالم وأنت وكثيرون مثلك في العالم العربي تملكون الضمائر الحية..
بل وحدة الشعبين تجلت في زواج جميل بين الصديقة والأخت الغالية الصحفية منال زيتي والصحفي المصري المعروف حازم شريف حيث تشرفت بزيارة هذا البيت والذي سيثمر طفلاً سورياً مصرياً ولد في زمن الأزمة ولكنه سيكبر في زمن الوفاق..
قبيل مغادرتي توفيت شادية، وبكيت عليها بصدق، و كنت أتمنى أن أشارك في تشييعها كتحية وفاء للفن والزمن الجميل..شادية هي إحدى أهم رموز الوحدة والمحبة بين #سورية و #مصر..فالجميع يعشقها