رسام محمد
غياب وسفر المخرجين السوريين، وذلك لتنفيذ أعمال خارج البلاد، قد يُعتبر من أخطر المشاكل التي تواجه المسلسلات السورية،وخصوصاً هؤلاء الذين يُطلق عليهم تسمية" مخرجو الصفّ الأوّل" أي لديهم مستوى وكفاءة لإتمام عمل كما ينبغي، صحيح أنّ أساليبهم متشابهة، ويصعب تمييز أحدهم عن الآخر عند مشاهدة جزء أو دقائق من مسلسل ما، غير أنّ أسمائهم ارتبطت بأعمال حقّقت نتائج طيبة،
من هؤلاء: حاتم علي،الليث حجّو،المثنّى صبح،سامر برقاوي،هشام شربتجي. بُعيد تعثّر مسلسل " فوضى"، الذي كان من المفترض أن يخرجه الليث حجو، أطلقَ الأخير تصريحاً يساعد على فهم المشكلة،فقال:" لن أعمل في سورية حتّى إشعار آخر" وبعد ذلك قام بإخراج مسلسلاً سوريّاً في تونس " الواق الواق "
الليث الذي ترك اخراج مسلسل "الطريق" من بطولة نادين نسيب نجيم وعابد فهد،وربّما تطول الفترة التي قصد بها " إشعار آخر" فالعمل في سورية كما يوحي به التّصريح الغاضب، ربّما أصبح صدقة وفضلاً.
صاحب الريادة في هذه الظاهرة كان حاتم علي، والذي بنى كلّ أمجاده الدراميّة ومكانته في سورية؛لقد كشف انسحابه المبكر منها، أنّ النجاح الّذي وصل إليه كان بسبب نصوص جيّدة لم تعد متاحة له، فبدأ مشواره الفنّي بالانحدار بسرعة قياسيّة، وهو اليوم في مستوى لا يُحسد عليه، خصوصاً بعد عمله الأخير "أوركيديا". القائمة لا تنتهي
فبعد أن أشتغل سامر البرقاوي لأربعة مواسم رمضانيّة على أعمال خارج البلاد، يستأنف الآن موسمه الخامس، ومثله المثنّى صبح الّذي انتهى مؤخراً من مسلسل بالسعودية، ومنذ بضعة أيّام انتهى عامر فهد من إخراج مسلسل " جيران" في الإمارات العربيّة، وهو يُعتبر من مخرجي الصفّ الثّاني،الذين توكل إليهم أعمال تلفزيونيّة متوسّطة القيمة واالتكاليف،ليس كمخرجي الصفّ الأوّل،ومع هذا فقد لحق بالركب.
المؤسف،وغير المفهوم هو أن يلتحق هشام شربتجي أيضاً بهذه الجائحة، فإذا كان هناك مبررات واهية لدى البعض كتطوير المسيرة المهنية، أو الأجور؛ فشربتجي من مواليد 1948،ولديه فرص في سورية للإخراج، ولكن كما يبدو الجميع يُريدون فرصة للتخلّي والتنصّل. فنياً،ودراميّاً، لم يكن يعوّل على أي منهم سابقاً في صناعة فنّ بمعنى كلمة فنّ،فنظرة سريعة على عمل قام به أحدهم في بداية مسيرته المهنية تكشف أنّ تطوّره ليس على ما يرام
ومع هذا نحن نخسرهم اليوم في المسلسلات، فتقع هذه الصناعة بإشكاليّة كبيرة: لا تعود الأجور وشروط العمل في البلد تُرضيهم، ويتدللون على عروض محليّة كونهم جرّبوا الأجور بالعملات الأخرى ،ولكنّهم ،سيعلمون، أو يعلمون منذ الآن- أنّ كل نتاجهم خارج البلاد لا يتجاوز" فيديو كليب" طويل من ثلاثين حلقة، وأن لا نجاح حقيقي لأحدهم إلّا في سورية