رسام محمد
جاء التأمين الصحي قبل حوالي العقد من الزمن كالمخلص من جحيم الإنتظار على أبواب المشافي العامة وليرفع بالفقراء المرضى من أصحاب الدخول المحدودة من غرفة مكتظة بالأسرة الى غرفة خاصة بسرير واحد في مشفى كان الدخول اليه حلما وكان على مدى تاريخه لأصحاب الجيوب الممتلئة أو لسكان المنطقة نفسها من أصحاب الألقاب ..
في السنة الأولى لولادة التأمين سمعت موظفة من الدرجة الرابعة تروي بسعادة قصة دخولها الى المشفى الخاص "ذو الخمس نجوم" وكيف اجري لها عملية جراحية ولم تدفع الا مبلغا زهيدا ..
كما لا ننسى ذلك الماضي الجميل الذي.كان الطبيب يأخذ البطاقة دون تذمر او تسميع كلام من قبيل "فحوصاتك غير مشمولة بالتأمين أو ماذا أفعل بهذه البطاقةوالخ "..
وفيما يتعلق بصرف الدواء المؤمن عليه فكانت البطاقة تنام في الصيدلية مدة أقصاها 24 ساعة ويصرف لك الدواء المحلي والذي كان بدوره يحظى بثقة كبيرة قبل استئصال "مادته الفعالة "
مرت السنوات وأثبت التأمين أن البداية لم تكن الا خدعة او حلما سريعا انتهى لتعود المعاناة لدى من لا يكفيهم معاشهم الا الاسبوع الأول من الشهر,ولتعود المشافي الحكومية الملاذ والدواء ..
لم تستطع صيحات الموجوعين ان تغير بحقيقة التأمين الصحي ولم تتمكن شكواهم واعتراضاتهم ان تعالج الفساد الذي يطال هذا القطاع بل استمر الحسم الشهري من الراتب والى الآن وبرغم اعتراف مدير,عام المؤسسة العامة للتأمين بأنه لا,يمكن الإستمرار بواقع العمل الحالي للتأمين الصحي وبأنه يحتاج الى تشريع خاص وقانون مستقل ينظم طبيعة عمله ويحدد الجهات المشرفة والمنفذة له الا انه لا شيء يلوح في الأفق الى الآن !
لا يخفى على أحد ان التأخير عن المعالجة لهذا الملف الأهم بحياة الناس يضيف مليارات الى حساب القائمين من الشركات السبع التي تتولى إدارة النفقات الطبية والى جيوب الأطباء والصيادلة دون ان ينعكس هذا على الأمان الصحي للمؤمن عليه.
ليس غريبا ولا مفاجئا أن يخرج المسؤول ليطمئننا بأن هناك لجنة قد شكلت لبحث ودراسة هذا الملف
وليس غريبا ولا مفاجئا ان نعرف ان اللجان لا تخرج الا بإجتماعات اعلامية خلبية !
ولكن لابد من المطالبة بالسرعة في معالجة مظلة التأمين الصحي بعد ان أثبتت انها مليئة بالثقوب وان عصاها مكسورة ولكن بقيت اليد متمسكة بها تحت وطأة الحاجة للأمان الصحي لعلها تجد من يعيد اصلاحها ?
كان مدير عام التأمين الصحي قد صرح قبل عدة أشهر: بأن العمل جار بالتنسيق مع وزارة الصحة لبحث تطوير عمل هذا القطاع.
ولكن تبقى مدة الانتظار الجارية غير محددة ونأمل الا نفقد الأمل لنقول للجهات التأمينة "خدو بطاقتكم ورجعولنا مالنا "