كتب :أيمن قحف
ربما أراد المهندس عماد خميس من خلال توسيع رقعة الحضور ولا سيما الاعلاميين بالأمس أن يعطي إشارة لا لبس فيها عن أهمية وأولوية التخطيط الاقليمي بالنسبة للحكومة السورية..
وربما كنت أنا شخصياً من أكثر الفرحين بهذا الاجتماع وهذا التوجه ،لأنني عاصرت قرابة عشر سنوات من العمل حتى صدر القانون وأحدثت الهيئة العتيدة:هيئة التخطيط الاقليمي..
لقد غطى الزملاء في سيريانديز وبقية الوسائل الاعلامية الاجتماع بكافة جوانبه ،ولم يتركوا لي شيئاً"لأخبر عنه"!!ولكنني سأحاول أن أقرأ الأمر من خلال خبرتي المتواضعة..
كي نبني البلد بصورة صحيحة لجهة أفضل انتاجية مع الحفاظ على الموارد والتنمية المستدامة لا بد من التخطيط الاقليمي..و أقتبس جملة صغتها من عدة مداخلات للمهندس خميس( أن الإطار الوطني للتخطيط الاقليمي يجب أن يكون المرجعية الوحيدة،ولكي يكون كذلك لا بد أن يكون قابلاً للتنفيذ ومن أجل ذلك سنستمر في مشاركة الجميع لوضع إطار مناسب لمئات السنين..)
للحق،قاد رئيس مجلس الوزراء الاجتماع بحرفية عالية للوصول لنتائج ورؤية مشتركة بين جهات غير متوافقة في الرأي،حتى أن خلاصة الاجتماع اختصرها في جملة واحدة :ينقصنا تنسيق أكثر لانضاج الاطار)..وبالتالي قرر الاجتماع كل شهر لغاية انجاز العمل..
أشاد الحضور بالجهد في إعداد الإطار،وأنا منهم،ولكنني سأضيف لما قاله الجميع ملاحظة تتعلق يتفاوت مستوى التقرير في أقسامه المختلفة بشكل يوحي لي بأن امكانات وخبرات ومهارات من أعدوه متفاوتة حسب كل قسم وربما لم يسعفهم الوقت في انجاز الانسجام والتماسك في الصيغة النهائية..
هو جهد كبير ،ولكن من قال أن الهيئة وكوادرها وخبراؤها يفترض أن "يتصدقوا علينا" بمشروع الإطار وهو اليوم منتجهم الأكثر أهمية وربما الوحيد؟
أتفهم سؤال الوزير المهندس حسين عرنوس –الذي تتبع له الهيئة- عندما قال :هل تريدون الإطار كما هو منصوص عليه في القانون أم تريدون كل مراحل العمل..هل يجب على الاطار أن يجيب عن جميع الأسئلة؟!!
هنا هو يشير إلى الخلط الذي تم في اصرار البعض على رؤية المخرجات والمشاريع واستخدامات الأراضي في الإطار!!
لن أعرض النقاشات بل سأكتفي بملاحظات "مفتاحية" منها ما قاله رئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي الدكتور عماد صابوني :هناك كم هائل من المعلومات ولكن هناك مشكلة منهج، وبالتالي علينا أن نقلق على المنتج.. ولعل أهم سؤال هو : ( من يعمل ماذا؟)
الأمين العام لمجلس الوزراء الدكتور قيس خضر تحدث عن الجهد الكبير واعتبره مؤشرا على حيوية المؤسسات الحكومية لكنه تساءل عن المرتكزات الأساسية وهي سلطة الخطة و واقعيتها ، وأين مرجعية الإطار والمبادئ ، ورأى أن البداية تتطلب اجتماع بين الهيئتين التخطيط والتعاون الدولي والتخطيط الإقليمي لوضع العناوين الكلية من الأولى وتفريغها إقليمياً من الثانية مع وضع البرمجة المكانية .
لعل المأزق الأول الذي ألقى بظلاله على الاجتماع هو رفض رئيس المجلس الحديث عن أقاليم في ظل الوضع السياسي القائم ، وبالتالي تم التشويش على كامل الإطار بل حتى على هوية الهيئة التي تحمل بالأساس اسم التخطيط الإقليمي ! .
حاول رئيس الهيئة حسن جنيدان أن يدافع عن الإطار الموضوع ولكن بدى أنه بحاجة لمؤازرة معهد التخطيط الإقليمي وبعض مديري الهيئة للشرح دون تأثير كبير على النظرة وهذا ما اسماه وزير السياحة بأنه ( حلقة مفقودة ) ورأى المهندس بشر يازجي أن الأولوية يجب أن تكون في التركيز على إطار التنمية المكانية عمرانيا ، وبصورة مفاجأة سهّل وزير السياحة إمكانية التنسيق الفعال بين الهيئتين من خلال إسقاط دورهما على مديريتين في وزارته هما التخطيط السياحي التي تعمل بكفاءة مع هيئة التخطيط الإقليمي والتخطيط والتعاون الدولي التي تعمل أيضاً بكفاءة مع هيئة التخطيط والتعاون الدولي .
بالنسبة لي حظيت بفرصة إبداء الرأي وقلت أن الحكومة السابقة قزمت دور الهيئة عندما غيرت تبعيتها من رئاسة مجلس الوزراء إلى وزارة الإسكان مما أضعف دورها وهي هيئة عبر وزارية، ولابد من تحديد دورها هل هي سلطة الدولة على هذا القطاع مثل سلطتها على الطرق العامة والموانئ والأجواء أم هل هي جهة بحثية أم جهة تمنح الموافقات والتراخيص ؟ . ومع التقدير لجهود الهيئة إلا أن مؤشرات بسيطة تثير الشكوك في مجمل مسار العمل فعلى سبيل المثال عندما يكرر رئيس الهيئة في الاجتماع أربع مرات أن طريق الحرير الجديد يمر في سوريا بمسارين ويبني بعض التوجهات على ذلك ونكتشف في الحقيقة أن طريق الحرير لا يمر في سوريا إطلاقاً فهذا يلقي بظلاله على جدية العمل والمرجعيات .
بكل الأحوال لكل من استعجل المخرجات كان رئيس مجلس الوزراء واضحاً : نحن لم نبدأ منذ ثماني سنوات بل منذ ساعتين فقط !!
هذ كلام موضوعي لقد بدأ النقاش ولكن نلتمس جديةً حكومية لإعطاء التخطيط الإقليمي دوره المحوري في بناء سورية المستقبل .