سيريانديز - تماضر علي
لا يغيب عن ذاكرة كل منّا طقوس شهر رمضان المبارك ، وما يتم خلاله من تحضيرات نوعية يقوم بها المواطنون جميعاً استعداداً لاستقبال شهر الخير بالشكل اللائق ، وكما جرت العادة، في كل عام تمتلئ الأسواق والمحال التجارية بالتمور المتنوعة ومشروبات رمضان التي تتنوع بين (السوس) و(قمر الدين) و(التمر هندي) وسواها الكثير ، ولا ننسى المعجنات الخاصة بشهر رمضان والتي تشهد إقبالً لافتاً من قبل الصائمين طيلة أيام الشهر الفضيل .
اما ما يخصّ السهرة الرمضانية فبعض الحارات الشعبية وبالرغم من التكنولوجيا والحداثة كانت تنتظر (الحكواتي) وما يحمله من قصص تاريخية ، بعضها قد حدث وبعضها الآخر يُصنّف ضمن الأساطير، ليتم عبر تلك السهرات تجاذب الأحاديث بين أبناء الحيّ الواحد ، الأمر الذي يقوي العلاقة بينهم ويجعلهم كالأسرة الواحدة ، ولكن الحرب التي طغت على بلدنا الآمن منذ حوالي سبع سنوات لم تترك جانباً ولا تفصيلاً من حياتنا إلا وتدخّلت فيه بشكل عنيف، ووحشي ، وكان تأثيرها فعّالاً على طقوس شهر رمضان المبارك ، كيف ذلك ؟ تابعوا معنا . مسحراتي رمضان على سبيل المثال فضّل البقاء في منزله على التجوّل وقت الفجر بين الحارات المظلمة ,أما الحكواتي لم يجد أبناء الحارة الواحدة ضمن المقهى المشهور نظراً لانشغالهم بالمصائب التي خيّمت على منازلهم ومنعتهم راحة البال والاجتماع مع بعضهم ، وربما لا داعي للإشارة إلى غلاء الأسعار الذي نهش بأنيابه كل بيت سوريّ ومنع أصحابها من ممارسة طقوس شهر رمضان و العيد وربما حتى طقوس اليوم المعتاد !! وهذا العام وفي ظلّ الانتصارات والتحرير الحاصل على جميع الجغرافية السوريّة ، تشهد بلادنا حالة استقرار نسبية وتعافي تدريجي من الأزمة وآثارها ، فالأسواق امتلأت بالناس مجدداً والحارات تمكن أصحابها من تزيينها احتفالاً بقدوم النصر مع شهر رمضان ، إضافة إلى القيام بمبادرات انسانية عديدة تسعى لتخفيف العبء عن المحتاجين ومشاركتهم فرحة الشهر الفضيل لأن مخلفات الأزمة من تهجير وتشريد ربما تحتاج الوقت الكبير لمعالجتها!
من بين المبادرات العديدة والطقوس الرمضانية كان لسيريانديز لقاء مع مدير مقهى الجمال بالشيخ ضاهر محمد نداف والذي اوضح انه وخلال طيلة أيام الشهر الفضيل يقوم المقهى بتقديم إفطار مجاني للصائمين بهدف مساعدة الناس التي لا تملك القدرة على تأمين لقمة عيشها خاصة في ظل الغلاء الذي تشهده الأسواق خلال شهر رمضان . مشيراً إلى أن عدد الوجبات اليومية المقدمة تزيد عن ال100 وجبة ، وكل وجبة تتضمن اللحوم والأرز والمقبلات وبعدها يتم تقديم الحلويات المتنوّعة ,
لافتاً إلى أنه في وقت الإفطار يجتمع الكثير على مائدة واحدة ضمن المقهى مما يعزز من طقوس شهر رمضان ويزيد الألفة والمحبة وأضاف: تشتهر بلادنا بالخير والمحبة وربما الأزمة التي أثرت على الجميع بشكل متفاوت لم تستطع التأثير على المحبة والخير المتأصّل في جذورنا كأبناء البلد الأم سورية, بالانتقال إلى التجّار وما يحضرونه استعداداً لاستقبال شهر رمضان المبارك . و بيّن سليمان أحمد وهو عامل ضمن أقدم محل لمشروب السوس في اللاذقية أنه وفي كل عام يشهد المحل إقبالاً لافتاً على مشروب السوس الذي يعتبر عنصر رئيسي على مائدة الإفطار , مشيراً إلى أن السوس أصبح من العادات والتقاليد السورية وهو طبيّاً يساهم في تقوية جسد الصائم بعد ساعات الصيام الطويلة . بدوره قال تاجر البهارات والحبوب كامل حيدر أنه قبيل شهر رمضان يتم البدء بعرض أنواع التمور المتنوعة امام المحل والتي تختلف أسعارها بحسب النوع ، إضافة إلى العصائر التي يعتبر موسمها الأساسي في رمضان كالتمر هندي وقمر الدين .
موضحاً ان رمضان هذا العام يشهد تحسّن ملحوظ وإقبال كبير على المحال التجارية مما يسمح بفتح باب المنافسة وخفض الأسعار , من جانبه أوضح (علي) من محل معجنات في الشيخ ضاهر أنهم يقومون بتنظيف الشارع أمام المحل مع تنظيف المحل أيضاً استعداداً لوضع الطاولات خارج المحل أول أيام شهر رمضان المبارك , ليتم عرض المعجنات الخاصة بالشهر الفضيل والتي يعتبر أشهرها الخبز الرمضاني المحشو بالتمر أو الشوكولا, لافتاً إلى الإقبال الكبير على هذه النوع من المعجنات خاصة قبيل ساعة من موعد الإفطار .