أيمن قحف
مرة أخرى نجد أنفسنا مضطرين للاستشهاد بوزير الاقتصاد الألماني في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية ايرهارد الذي كان يقول أن معظم نجاح الاقتصاد يعود لأسباب نفسية..
أنا شخصياً من أشد المؤيدين لهذا المبدأ ، وأؤكد أننا بحاجة لفهم عميق لهذا المبدأ لتأمين الظروف التي تضمن تحقيق الراحة النفسية والحافز للمستثمرين والمنتجين وحتى العمال والشعب بأكمله..
نحن بلد يشبه ألمانيا في فترة ما بعد الحرب لجهة الدمار الكبير وتعطل الكثير من مرافق الانتاج وفقدان نسبة كبيرة من قوة العمل، ولا أبالغ إن قلت أن الشعب السوري في حال الادارة الجيدة لإمكاناته قد يكون أكثر شعب منتج ومبدع في العالم..!!
نحن ندخل المرحلة النهائية للانتصار ودحر الارهاب وبالتالي بدأنا فعلاً مرحلة إعادة الاعمار ،والسؤال هنا كيف نؤمن الأسباب النفسية لنجاح الاقتصاد؟
الحكومة، ولكي تنجح في إدارة شؤون البلد، لا بد أن تملك في صفوفها أو بين كوادرها قادة وبيروقراطيون وتكنوقراط وخبراء في علم النفس والاعلام وآليات التأثير ..والأهم وجود مجانين ومبدعين يكسرون القوالب الجامدة ويفكرون من خارج الصندوق ولا تهمهم "الجدارة القيادية "بمقدار ما يهمهم اختراع الحلول وتقديم المبادرات!!
لن تنفع القوانين المتقنة الجاذبة، ولا الخطط الطموحة، ولا المجلدات والأفلام الترويجية ،ولا المؤتمرات ولا الاتفاقيات ولا الاستقبالات الدافئة في حال لم تكن الظروف النفسية مريحة للاستثمار والانتاج..
الظروف النفسية المؤاتية يلزمها الاستقرار الاداري والتشريعي والشفافية وسياسات معلنة ووضوح القرارات والاجراءات وتجنب المفاجآت واستبعاد السيد "قراقوش" من مراكز القرار والابتعاد ما أمكن عن القرارات التي تثير حفيظة الشعب وخاصة التي تأتي بدون مقدمات وإن اضطررنا لها لا بد أن يفهم الشعب أنها لصالحه..
دور الإعلام مهم جداً في هذا المشهد ،وأعني الاعلام الوطني وليس فقط الحكومي ،في بعض الأحيان يكون القرار سليماً وفي مصلحة غالبية الشعب لكن الاعلام ووسائل التواصل تقوم بالتحريض البشع فتفسد سياسات وقرارات ضرورية..
للأمانة، فإن السيد رئيس مجلس الوزراء المهندس عماد خميس بشخصيته الشفافة القريبة من القلب قادر أن يكون مصدر ثقة للناس تعطي مكوناً هاماً من مكونات الحالة النفسية المشجعة لحركة الاقتصاد ،وهذا ما يقوم به بكفاءة تحتاج مؤازرة الاعلام وبقية الجهات الحكومية..
وبالمقابل، وللأسف نجد في الفريق الحكومي وبعض المفاصل أشخاصاً يؤثرون سلباً على الحالة النفسية العامة للشعب والمستثمرين بقرارات أو اجراءات أو تصريحات غير مسؤولة تسير بعكس الاتجاه الذي يحاول رئيس الحكومة السير فيه ضمن البوصلة الوطنية التي تحدثنا عنها مراراً!!