|
|
|
|
عبد اللطيف عمران يضيء على بعض خفايا اجتماع اللجنة المركزية |
|
د. عبد اللطيف عمران
وسط مناخ من الترقّب والتطلعات عقدت اللجنة المركزية للحزب اجتماعها يومي 7-8/10/2018، وقد سبق عقد الاجتماع سيل من التساؤلات في الشارع الحزبي السوري من البعثيين وغيرهم، ورغم أن جدول الاجتماع كان واضحاً ومعروفاً مسبقاً من خلال مشاركة أعضاء اللجنة المركزية في التحضير المسبق لأوراق عمله، إلا أن الرغبة في التغيير حتى لو عن طريق الصدمة لاتزال مرغوبة في المجتمع السوري بغض النظر عن الارتدادات التي غالباً ما تنجم عن هكذا رغبة والتي لم يعد لها حدود على ما بدا خلال السنوات القليلة السابقة.
والحقيقة: لقد حدث التغيير الواضح والمجدي، بغض النظر عما إذا كان هذا التغيير هو المنشود من قبل البعض، لكن علينا إمعان النظر أكثر من مرّة، ومن خلال متابعة عمل اللجنة المركزية وسائر مؤسسات الحزب، لنتأكد من أن التغيير حدث بالفعل، والذي من الواجب تجسيد ملامحه واقعاً ملموساً في عمل الحزب، وفي وقت قريب ومحدد ضمن برنامج زمني وآليات تنفيذية أوضحها بدقة الرفيق الأمين العام للحزب السيد الرئيس بشار الأسد في كلمته الشاملة والمهمّة في جلسة افتتاح أعمال اللجنة المركزية صبيحة 7/10/2018 .
ومن المعروف أن اللجنة المركزية لم يعرفها التنظيم البعثي إلا بعد 1980 ومع المؤتمر القطري السابع للحزب، وقد توقّفت اجتماعاتها قبيل المؤتمر القطري الثامن 1985 واستُعيض عنها بالاجتماعات الدورية – نصف السنوية – لأمناء الفروع والمحافظين التي كانت حقاً مجدية، وعاودت اللجنة المركزية اجتماعها في 13/8/2005، لتجتمع فيما بعد اجتماعين موسّعين في تموز 2013، ونيسان 2017، وكان هناك مسوغات موضوعية وتعويضية للواقع التنظيمي في عمل اللجنة خلال تلك الفترات، حيث أن هذا لم ينعكس سلباً على عمل الحزب…. حتى كان الاجتماع الذي يمكن أن يعد تاريخيّاً ومفصليّاً في عمل الحزب عامة، وعمل اللجنة المركزية خاصّة في 7/1/2018.
ويبدو أن نتائج الصمود، صمود الشعب والحزب والجيش خلف حكمة القائد وشجاعته مهّدت وأسهمت لأن يكون لهذا الاجتماع طعمه الخاص، ولا سيّما من خلال المراجعة النقدية الواضحة والدقيقة والواعدة لعمل الحزب ولبنيته ولفكره التي قدّمها الرفيق الأمين العام للحزب السيد الرئيس بشار الأسد.. ولعل صدور المرسوم 18 لعام 2018، مرسوم العفو، في اليوم التالي لاختتام أعمال اجتماع اللجنة، ترجمة لهذا التفكير الجديد.
تميّز اجتماع اللجنة لا شك بكلمة الافتتاح للرفيق الأمين العام للحزب، وقد تناقلت وسائل الإعلام بعضاً مما ورد في الكلمة وخاصة من الجانب السياسي. لكننا نجد من الأهمية والضرورة – كإعلام حزبي – نقل بعض ما جاء في الكلمة من الجانب التنظيمي ولو بشكل مختصر نظراً لما تترقّبه من الاجتماع جماهير شعبنا وأمتنا وحزبنا وسائر الأحزاب والمنظمات والنقابات الوطنية والقومية، فالشارع العربي كان ومازال شارعاً وطنيّاً وعروبيّاً، يعرف أن صمود سورية العروبة والتاريخ مع القائد الأسد رهان كبير ورابح ومجدٍ في وقت بدأت تتكشّف فيه خيبة وهزيمة المؤامرة عليها من تحالف معاد للوطن وللعروبة وللإنسانية.
كان من بين ما ركّز عليه الرفيق الأمين العام للحزب في كلمة الافتتاح في الجانب التنظيمي والفكري ضرورة اهتمام اللجنة المركزية وسائر المؤسسات الحزبية، والبعثيين كافة بالمستجدات المعاصرة ولا سيما التي أفرزتها الحرب على سورية، ومنها:
أهمية النظر في موقع الحزب في المجتمع والدولة قبل وبعد حذف المادة 8 من الدستور السابق وما يتصل بذلك من تساؤل: هل الحزب هو الدولة أم الدولة هي الحزب؟. ومنها هل كان الحزب مدرسة تؤهّل المجتمع وصار المجتمع مدرسة تؤهّل الحزب في زمن تتعثّر فيه الأحزاب الإيديولوجية ويتراجع فيه دور الأحزاب التقليدية أمام صعود أحزاب جديدة في المنطقة والعالم ذات برامج اجتماعية أكثر منها سياسية؟.
ومنها ضرورة أن يبادر الحزب إلى الإجابة على عدد من أسئلة الشارع قبل أن تُملى على جماهيره إجابات الآخرين، ومن هذه الأسئلة ما يتصل بـ : الاعتدال والتطرّف، العلمانية والدين، العروبة الحضارية والعروبة العرقية، تطبيقات التنمية ومحاربة الفساد، مفهوم البعثي القدوة ودوره، المصالحات بين دورنا الاجتماعي ودورنا السياسي، أنماط وأساليب المشاركة في التغيير المنشود كمؤسسات حزبية أم كبعثيين من خلال موقعهم الاجتماعي، إشكالية الاجتماع الحزبي المستدامة، إشكالية التنسيب إلى الحزب بين الكم والكيف، النظر في شرائح المجتمع الأربع التي أفرزتها الحرب، الانتباه والتبصّر والحذر في الـ 5٪ الأخيرة من مرحلة الانتصار…….. وهذا قليل من أسئلة كثيرة على البعثيين أن لا يتركوا الإجابة عنها للآخرين دون مبادرة وأسبقية في حزب يملك خبرات وطنية وتنظيمية وأكاديمية.
فكان لهذه الكلمة انعكاس إيجابي واضح في مناقشة جدول أعمال اللجنة في الجلسات التالية على مدى يومين، حيث كان النقاش حاضراً وفاعلاً والمشاركة فيه واسعة ومطلوبة من أغلب الرفاق أعضاء القيادة واللجنة المركزية فكانت ترتفع أيدي عدد غير قليل منهم لطلب الكلام أو لنقطة نظام في الوقت الذي لم ينتهِ فيه رفيقهم من مداخلته. ولم تمر مناقشة الأوراق المقدمة إلى الاجتماع دون تنوّع في الرأي وتباين فيه أيضاً ما احتاج معه رئيس الجلسة الرفيق الأمين العام المساعد عدة مرات إلى التصويت طلباً للموضوعية ونشداناً لرأي الأكثرية في مناخ من الأريحية والتفاؤل من الجميع رغم التباين الواضح في بعض الآراء الذي أغنى الاجتماع وجدول الأعمال ولاسيما من حيث تعديل اللوائح الداخلية للحزب وللجنة المركزية وللجنة الرقابة والتفتيش الحزبية، والتعديلات غير المسبوقة في تسمية الأمين القطري والأمين القطري المساعد والقيادة القطرية، إضافة إلى انتخاب غير مسبوق أيضاً لأمين سر للجنة المركزية الذي سيقوم بمهمة تقديم تصور لآلية تنفيذ الخطط والاستراتيجيات ضمن برنامج زمني واضح ومحدد.
هذه التساؤلات والتعديلات والتغييرات يبدو أنها لن تكون شكلية، وسيكون لها صدى قريب ولا سيما أن الرفيق الأمين العام للحزب بيّن أن الحرب كانت سبب تعليق الانتخابات الحزبية، إذ لا بد من العودة إليها وهذا ما يجب دراسته والتحضير له قريباً.
وعليه فقد ظهرت، بل يجب أن تظهر اللجنة المركزية وكما أكد الرفيق الأمين العام على أنها برلمان الحزب، ومحرّك العمل الحزبي، وهذا إذا تحقق فهو خطوة في طريق التغيير والتفعيل وتوطيد الحضور.
فالتغيير المنشود هو الذي يقترن برؤية عقلانية شاملة ومجدية وغير متسرّعة تنأى عن الموقف الرغبوي الانفعالي، وتنطلق من التمييز بين ما يراه رجل الدولة وفق المعطيات التي بين يديه، وبين ما يراه المواطن العادي… وهي لا تطمئنّ إلى النزعة الشعبوية، وإلى الزج الاعتباطي لوسائل التواصل الاجتماعي التي تظهر في أغلب الأحيان أنها المعبّر السريع والعفوي والرخيص عن الذين لا صوت مسموعاً لهم.
ولذلك يجب تفسير مقولة: إن هدف القيادة وواجبها خدمة تطلعات الشعب، بناء على معرفة أن تنفيذ هذا الهدف مسؤولية وعلى أساس هذه المسؤولية تتم محاسبة القيادة والحكومة وسائر المؤسسات. لأن النهوض بهذه المسؤولية هو الرائز والمعيار، وهنا يجب أن تتقدم أهمية الأدلة العقلية على الأدلة النقلية مع أي عمل ومسؤولية.
|
عن صحيفة البعث |
|
الأربعاء 2018-10-10 03:37:01 |
|
|
|
|
|
|
|