كتب أيمن قحف:
من بين كل الأخبار السيئة على الصعيدين الاقتصادي والمعاشي ، لم يهزني خبر مثل خبر عودة (البونات) والتقنين للمواد الأساسية من بوابة البطاقة الذكية هذه المرة!!
هل يعرف أصحاب القرار -الذين تحدثوا مراراً عن الأسباب النفسية لهبوط سعر الليرة - أن هذا الاجراء
سيقضي على الأمل بانتعاش قريب لليرة؟!!
عندما يصل المواطن لحد الحاجة للحصول على 3 كيلو سكر شهرياً بالبطاقة الذكية لتوفير بضع ليرات عن سعر السوق لا تعادل ثمن كيس شيبس لولده فهذا مؤشر غاية في الخطورة ويمكن أن نفهم منه أنه إعلان
إفلاس متعدد الأوجه : فهو ربما يكون إعلان إفلاس المواد الأساسية أو افلاس الدولة عن تمويلها وهذا خطأ ،
أو هو إعلان إفلاس الحكومة عن التفكير الايجابي البناء المبني على الادارة الصحيحة للموارد ، وهذا هو
الصحيح.
ما زلت من أشد المؤمنين بأننا دولة غنية لا يجوز أن ندير اقتصادنا بالتقتير حتى في حالة الحرب ، وهذه
العودة لزمن الثمانينات مقلقة جداً في التفكير الحكومي ، وليس أسوأ من قرار يجعل المواطن يتسول فارق
بضع ليرات في كيلو رز أو سكر لا تغير من وضعه البائس شيئاً ، لكنها مؤشر إذلال وافلاس..
أي رسالة تريدون ايصالها عن هذا الشعب وهذا البلد العظيم؟!!
هل تظنون أن شعباً قدم الدم لأجل الوطن والكرامة ، وتحمل ما لا يحتمله بشر يستحق أن تسلبوه كرامته
على أبواب السورية للتجارة هذه المؤسسة البائسة التي تنتمي لاقتصاد القرون الوسطى؟!!
نحن لسنا دولة فقيرة لنبني سياستنا الاقتصادية على الشح والتقتير ، نحن دولة ذات موارد كبرى اقتصادياً وبشرياً ، وذات موقع جغرافي يدر المال بغزارة..
كلمة السر في معركتنا اليوم هي : التسييل ..
سيلوا رؤوس الأموال المجمدة في الأراضي والعقارات والموجودات الثابتة ، سيلوا الفكر من العقول
المبدعة فتأتيكم الحلول ، سيلوا الكلس من مفاصل المنتجين فتدور عجلة الانتاج..
منذ يومين كنت عند صديق في منصب مسؤول ، قلت له انظر إلى هذا البناء من نافذة مكتبك ، هو مجرد
بناء من مئات الآلاف من الأبنية ، فيه حوالي 40 شقة سعر الواحدة منها 200 مليون ليرة وسطياً ، لو نزل أصحابها 10% من سعر السوق لتوفر ثمانية مليار ليرة كاش في يوم واحد يمكن تدويرهم في الاقتصاد
لينتجوا ما يرد الخسارة ويحركوا الاقتصاد ..
لو أعطينا هذا المبلغ لوزارة الصناعة ماذا يمكن أن تفعل به؟
لو منحناه قروضاً لخمسين صناعي ماذا يمكن أن يفعلوا به وكم من الممكن أن ينتجوا ويشغلوا من فرص
العمل؟!!
حكومتنا الموقرة:
هل من حاجة لتسألوا علماء النفس والاجتماع ماذا يعني اظهار الضعف للعدو؟!!
يجمع العلماء على أن اظهار الضعف يحرض المشاعر العدوانية لدى الآخرين حتى لو لم يكونوا أعداء
فكيف أننا بلد يحاربها أعداء الداخل والخارج؟!!
ربما تتذرعون بترشيد استهلاك القطع ، وأعتقد جازماً أنكم لو أقفلتم المنافذ البرية والجوية والبحرية ومنعتم الاستيراد بالكامل لن يتحسن سعر الليرة مع هذه العقلية البعيدة عن الابداع وتشجيع الانتاج..أنتم تنطلقون من معادلة نصف العلم ، ونصف العلم يؤذي أكثر من الجهل ، فاسألوا من يعرف أكثر منكم وسيرشدكم إلى
الطرق الصحيحة لنجاح الاقتصاد..