ربما منذ نهاية الحرب العالمية الأولى لم تكن سورية في وضع سكاني شبيه بالوضع الحالي حيث يتجه ملايين السوريون إلى مختلف بقاع العالم. ليكون المغتربون من مواليد سورية نسبة وازنة من حاملي الجنسية السورية اليوم و ربما يكون المغتربون جزءاً من الحل الاقتصادي لأزمة هي أيضا الاصعب منذ المجاعة التي ضربت الشام مع نهايات فترة الاحتلال العثماني.
يدرك المغتربون حتى من هم في طور الحصول على جنسيات البلدان حيث يعيشون أنهم سوريون في المقام الأول و لهذا يبحث الكثير منهم عن فرص للاستثمار في سورية و يتجهون لشراء العقارات. و أجزم أن الكثيرين منهم يرغبون بإيداع أموالهم في سورية لولا قلة الثقة بالنظام المصرفي السوري التي تراكمت في سنوات الحرب بقرارات ربما كانت مبررة في وقتها و لكنها تترك اليوم بصمتها على علاقة السوريين بمصارفهم.
لماذا لا يكون هناك حسابات مصرفية خاصة أو ودائع بفوائد منطقية للمغتربين أو حتى مشاريع تطوير عقاري تخلو من النصب و الاحتيال بمواعيد واضحة و ضمانات حكومية حقيقية.
من اعرفهم في الامارات على الأقل هم جميعا مهتمون بامتلاك منزل في سورية لو تمكنوا من هذا و لكن من الأسهل لهم أن يشتروا من آلاف العروض التي أمامهم في دبي و ابو ظبي و الشارقة.
الشيء نفسه ينسحب على التحويلات المالية التي يسبب العجز في تجاوز العقوبات المفروضة على سورية خسارة بملايين الدولارات في الرسوم التي تذهب لجيوب السماسرة.
تتحدث الحكومة عن رغبتها لسنوات بضبط سوق النقد و الصرافة و تدخل الأزمة عامها العاشر و لم تتخذ خطوات جذرية فلماذا لا نفكر بنظام دفع الكتروني والموجود في الصين (لا يعتمد على بطاقات الائتمان التي تمر عن البنوك الأميركية) ، ادرك ان الامر مشروع ضخم و لكنه ايضا مشروع استراتيجي يحل كثيرا من المشاكل التي نواجهها.
في اللغة الانكليزية مثل يقول إن الأوقات شديدة الخطورة (أو شديدة اليأس) تتطلب إجراءات شديدة التطرف و لا أعتقد أنه هناك اخطر اليوم (بعد وضعنا خطر الإرهاب خلفنا) من خطر الجوع و الفاقة الذان يحومان فوق الكثيرين منا.