بقلم الدكتور أسامه سمّاق
عادت أعداد الإصابات بالكورونا للإرتفاع في الدول المجاورة، وفي بعض دول العالم التي خففت من القيود على حركة الشارع والأسواق، ففي لبنان عاد الحديث لضرورة التشدد مرةً أخرى، وفي الأردن إلى حظر التجول، وفي الجزائر و مصر..الخ..
في أوروبا اللايقين والتردد سيد الموقف، في الصين تقرر إعادة إجراء فحوصات شاملة لسكان يوهان بعد ظهور إصابات جديدة هناك ..!!..
كل ذلك يؤكد ما أعلنته منظمة الصحة العالمية من أن للوباء موجات لاحقة قد تكون أكثر خطورة مماحدث حتى الآن، فالڤيروس قد يختبأ حيناً ثم يعود ليهاجم، وقد يتباطأ انتشاره ثم يعود ويتسارع هذا الإنتشار..!..
إن عدد الإصابات القليلة في سوريا لا يعني مطلقًا أن البلاد أصبحت خارج دائرة الخطر، فهذا العدد هو ما استطاعت السلطات الصحية من رصده فقط. وذلك بإمكاناتها المحدودة، ووضعها المفهوم بعد سنوات الحرب العجاف. فالڤيروس مازال موجودًا، وقد يكون الكثير من الناس حاملًا له دون ظهور أعراض، كمثال عدد الإصابات في روسيا تجاوز 200000 حالة منها أكثر من 47% دون أعراض..!..
أعلنت منظمة الصحة العالمية عن قلقها لقيام دول العالم بتخفيف إجراءات العزل واالإغلاق. وطالبت بالمقابل بالتدرج البطيء في تفكيك القيود، مع التشدد في مراقبة التقيد باجراءات الوقاية الشخصية كأن تصبح الكمامات والكفوف جزء من لباس الناس اليومي، و تغريم من ينتهك اجراءات التباعد الاجتماعي، ومتابعة حملات التعقيم في المدن والضواحي ،وفي أماكن العمل ووسائط النقل الجماعي..
طبعاً الأوبئة لا تنتهي بالسرعة التي نتمناها فهي عادةً تستمر سنوات، وفي حالة ڤيروس الكورونا قد يلازمنا لفترة طويلة، وربما يتحول مثل الإنفلونزا إلى جائحات موسمية. حتى موضوع اللقاح فرغم الصخب الإعلامي الذي يرافق الإدعاءات بنجاح تجاربه في هذه الدولة أو تلك،هذا الصخب الذي تديره شركات الأدوية العالمية لأهداف ربحية " بزنس"، فرغم هذا قد يفشل البشر في الوصول إلى لقاح آمن وفعال كما حدث مع تجارب لقاح ڤيروس السارس، أو قد تطول فترة التأكد من أمان لقاحٍ تم انتاجه بزمن قصير تحت ضغط انتشار الوباء.!!..
ومع ذلك من غير الممكن الإستمرا في تعطيل الحياة، فالحياة ستستمر رغم الجائحة.
علينا إذًا أن نتعايش مع الكورونا إلى زمن ليس بالقريب..
ولكن كي نتعايش مع هذا الوباء بأقل الخسائر من غير الجائز الإعتماد على وعي الناس وحده للتقيد باجراءات الوقاية المعروفة، من تباعد اجتماعي وتطبيق نظام الكمامات والتعقيم ..،
حيث لا تكفي الإرشادات، والخطابات الإعلامية، وحدها، وحتى الرجاءات مهما كان مصدرها.
فالإنسان بطبيعته كائن متمرد على أي قيد، والتمرد عامل مشترك للبشر في فرنسا وأمريكا والصين والأردن وسوريا وفي كل مكان..!..
فالضرورة تقتضي فرض اجراءات الوقاية، وتشديد العقوبات للمخالفين، وتغيير نمط حياة الناس من أجل حمايتهم من الخطر القائم.
هذا إذا أردنا أن لانصل إلى مرحلة تعجز معها المنظومة الصحية عن التصدي لأعداد من المرضى ربما تكون كبيرة..
بقلم د اسامة سماق
معاون وزير الصحة سابقاً