كتب أيمن قحف
لماذا نأخذ من السلف -الصالح – وربما الطالح في معظم الأحيان ما يحبطنا ويعيدنا للخلف ويحفزنا على القبول بالكفاف؟!!
لماذا نفضل عبارة : ربنا أعطنا خبزنا كفاف يومنا على بيت شعر من قبيل : ذريني للغنى أسعى فإني ر
رأيت الناس شرهم الفقير؟!!
لماذا نفضل عبارة الحيط الحيط ويا رب السترة على : تغرب لا مستعظماً غير نفسه ولا قابلاً إلا لخالقه حكما؟!!
لماذا علينا الاستسلام لعبارة : أطيعوا الله وأولي الأمر ونتجاهل صرخة : عجبت من لا يجد في بيته طعاماً يأكله ثم لا يخرج شاهراً سيفه في وجه الناس؟!!
بكل حال أنا لا أدعو لتمرد أو ثورة على الحكومة الفاشلة وفق حكم مبرم أطلقه الشعب بكافة مستوياته ، ولا أدعو للهجرة وترك البلد ، لا أدعو للرعونة وترك التعقل ..
أنا أدعو فقط لعدم الاستسلام لنمط اجتماعي أو فكري أو ثقافي سائد يجعلنا بعيدين عن حل المشكلات وتجاوز الصعوبات وخانعين لكل ما يأتينا من مصائب في الداخل ومن الخارج!!
لنترك أقوال السلف الصالح والطالح ولغة الشعراء والأمثال ولننتقل للعلم ومقولة انشتاين الشهيرة في تعريف الغباء : فعل نفس الشئ مرتين بنفس الاسلوب ونفس الخطوات مع انتظار نتائج مختلفة؟!!
"هناك شيئان لا حدود لهما. الكون وغباء الإنسان، مع أني لست متأكدا بخصوص الكون"، هكذا قال آينشتاين أيضاً ..
المشكلة في رأيي هي بالغباء والأغبياء الموجودين في مفاصل مهمة هنا وهناك ، في التخطيط واتخاذ القرار والتنفيذ بل وحتى في المتابعة والتقويم والمحاسبة !!
علينا أن نبتعد قليلاً عن حديث الفساد والفاسدين الكبار والصغار ، والأشرار والمتربصين بنا شراً ، ولا داعي للوم الانتهازيين والمتملقين و المنافقين..لنركز جهدنا على مكافحة وجود الأغبياء في مفاصل التحكم بحياتنا؟! دون أن نتجاهل عبارة نيكولاس غوميز دافيلا: "الذكاء يعزل الأفراد، في حين أن الغباء يجمع الحشود
!!"
شرحت لي صديقة عالية الثقافة معنى كلمة (ميديوكر) وهو الشخص متوسط الذكاء الذي يظهر في الأزمات فيحتل المقدمة!!
أعجبتني العبارة لدرجة أنني صرت أرى في وجوه الكثيرين ممن أراهم حولي ميديوكر!!
بكل حال أعرض لما كتبه كارلو م. سيپولا عن الغباء البشري – وهو من أهم ما كتب صراحة ..عسى نتحمس جميعاً – رغم أن الأغبياء كثر ولا يستهان بقوتهم وحضورهم – لكي نتخلص من وجودهم في أماكن تتحكم بحياتنا ..
وفي طريقة تجنب عبئهم السيء على المجتمع اقترح سيبولا بذل جهد أكبر من جانب غير الأغبياء لتعويض الخسائر التي تسبب الأغبياء في حدوثها، وإذا ثبت أنّه من المستحيل إنقاذ أنفسنا من الغباء، اقترح سيبولا أن ننتقم على الأقل من خلال الضحك على واحدة من أقوى قوى الظلام التي تعرقل النمو البشري، وتقلل مستوى السعادة والرفاهية في المجتمع.
فالإنسان "حيوان اجتماعي" وفق تعريف سيبولا، يعيش الإنسان إذا متفاعلاً مع الآخرين في شبكة علاقات دائمة، يُؤثر فيهم ويتأثر بهم. يُؤدّي ذلك إلى منافع أو خسائر اقتصادية أو نفسية، إلى كسبٍ أو ضياعٍ للطاقة أو الوقت. وهنا تحديدا يضع سيبولا في كتابه القوانين الجوهرية للغباء البشري، يضع الإنسان في أربع شرائح. فهو مغفل (بائس) أو قرصان (لص) أو ذكي أو غبي:
- إذا قاد تأثيرك على الآخر إلى منفعتهِ وإلى خسارتِكَ في نفس الوقت فأنت مغفل أو بائس.
- إذا قاد تأثيرك على الآخر إلى منفعتك وخسارته فأنت قرصان أو لص.
- إذا قاد تأثيرك على الآخر إلى منفعتكما معاً فأنت ذكي.
- وإذا قاد تأثيرك على الآخر إلى خسارتكما معاً فأنت غبي.
- وتصبح ذكيا يميل إلى القرصنة إذا اقتربت كثيراً من مربع القراصنة
- أو تصبح قرصانا يميل إلى الغباء، أوقرصانا «نظيفا»: أي مقدار كسبك من تفاعلك مع الآخر يُساوي تماماً مقدار خسارته)، وهكذا دواليك !!
فكروا معي ، انظروا إلى الصحف والتلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي ، انظروا إلى مديريكم ومن ينوبون عنكم في القرار تأملوا أشكالهم منطقهم شخصياتهم ، والأهم نتائج عملهم ..
قد أكون شخصياً -عن دون قصد – أنتمي لفصيلة الأغبياء لذلك لا تسلموني أي منصب ولا تتأثروا بمقالتي الغبية هذه ..فهي محاولة بائسة لملء فراغ اسمه الافتتاحية في صحيفة تدعي أنه يمكنها التأثير على الناس!!..