كتب: مجد عبيسي
نهضت المعلمة وقالت أمام الجميع: أما "ميداس" فسوف نعاقبه، وسنحرمه من شراء "الكولا" من بوفيه المدرسة بدءاً من يوم غد، جريرة ما اقترفت يداه بعدم مصافحته زملائه المحترمين المسالمين الذين كانوا يمسحون لي حذائي الموقر!!..
ارتعدت فرائص كل من بالصف وتابعوا مسح الحذاء باحترافية وفن، محاولين في الوقت نفسه مد أكفهم المتسخة لإقناع ميداس بمصافحتهم ومشاركتهم، لكنهم فلم يفلحوا !
تواصل الزملاء مع أهل ميداس ليخبروهم بالعقوبة التي طالته من المعلمة، وبأن يوم غد سيكون يوماً مأساوياً على ميداس. فحزن الأهل حزناً شديداً، وبدأ إخوته بالنحيب والطبطبة عليه كلما رؤوه، وإخباره أن الشمس المشرقة ستسطع يوماً ما، وما عليه سوى الصبر والاحتمال!!.. وأخذوا يعرضون عليه -وبأغلى الأثمان- أفخر انواع المناديل الورقية لتجفيف دموعه، وأرقى الوسائد ليدس وجهه بها حين يبكي، ومنهم من عرض عليه نقوده مقابل الذهب.. ومنهم من عرض شراء حصته المستقبلية في إرث والديه!!
وهنا انفجر ميداس عليهم قائلاً: ما بالكم؟!.. لم تفترضون أني مكتئب وحزين؟!... هل رأيتموني أبكي من عقوبة الغد أو أتذلل للمعلمة؟! ليس لي حاجة باستغلالكم، ولا بأموالكم.. فأنا ميداس الذي ألمس الأشياء فأحيلها ذهباً.. فقط ساعدوني في إزالة هذين الكفين عن يداي!!... ولتفهموا عدة نقاط:
أولاً، انا لم أخطئ لأعاقب، ثانياً، أنا غير منزعج بمنعي من شراء الكولا من بوفيه المدرسة، لأنه سيبقى باستطاعتي أن أشتريها من البقال أو السمان او السوبر ماركت في الحي المجاور، ثالثاً: أنا لا أشرب الكولا أساساً لأنها تسبب هشاشة عظام كما أخبرتني أمي !!!
وهنا لم يسمع الأخوة ما قاله ميداس، وإنما التفتوا إلى بعضهم ليتناقشوا كم سيطلبوا منه أثمان معروضاتهم في يوم غدٍ حين لن يتمكن من شراء الكولا من البوفيه، تاركين إياه يحاول عبثاً إزالة الكفين عن يديه المحجوزتين.
هذه باختصار قصة قانون "قيصر" الذي يرعدون ويزبدون به، ويفترضون انهيار اقتصادنا بسببه.. تباً للإعلام وكيف يبيع الوهم ويتلاعب بالدول والأدمغة.
|