كتب: مجد عبيسي
بعد أن تعالت أصوات المواطنين -دون رد- حول ارتفاع أسعار الأدوية "المزمنة خصوصاً" التي لم تعد تسدها معاشات المتقاعدين، اليوم تتعالى في الجهة المقابلة أصوات أصحاب معامل الأدوية مطالبة برفع أسعار الأدوية بنسبة 100% وبالعجل، كونها تتكبد خسائر فادحة نتيجة الغلاء وكلف الإنتاج والعقوبات و.. و.. إلخ.
الحكومة لم تتجرع فنجان المواطنين بعد، لتصب لها أصحاب المعامل فنجاناً آخر، وان كان رفع سعر الدواء مر على المواطن، فالمخاوف من حصول أزمة دوائية وفقدانها من الاسواق أشد مرارة.
اليوم اجتمعت كلمة معامل الأدوية على مطالبة الحكومة برفع سعر الدواء عقب خسائر بعضها أو توقفها عن الإنتاج، وبالتالي فالسيناريو التراجيدي يخبرنا أن المواطن الذي كان يئن تحت ارتفاع سعر الدواء ويصيح لتدخل الحكومة، سيبحث عنه قريباً في السوق السوداء مهما غلا ثمنه إن لم تستجب الحكومة لمطالبات أصحاب المعامل، وستصبح لدينا سوق سوداء جديدة للدواء المهرب وغيره، تنضم لجملة الأسواق السوداء التي تتكاثر بطريقة إبداعية.
إذاً، البرود في التعاطي مع الملفات لا يناسب المرحلة، فالجميع متأذي، والحلول يجب ان تراعي الحافر والنافر، وإن تمت الموافقة على الرفع فسيكون طفيفا، إذ من غير المنطقي أن توافق الحكومة على زيادة سعر الأدوية 100% كما يطلبون، فالعقوبات لم تطل المواد الأولية للأدوية بل فقط مكملات الصناعة من علب وغيرها، إضافة أن سعر الصرف ثابت تقريباً، لكن من غير المنطقي إهمال المطلب في ظل ارتفاع التكاليف التي نشهدها يومياً، وليس لدينا من قانون يجبر صاحب معمل على الاستمرار بالإنتاج في معمله، وهذا يجب تذكره جيداً.
الملف حساس جداً، وصحة المواطنين وحياتهم في خطر، فرفع سعر الدواء مطلب كي لا نخسر الدواء الوطني، ومعادلة قدرة المواطن الشرائية للدواء حاجة أيضاً كي لا نخسر المواطن، فلا فائدة من دواء لا يقدر المريض على شرائه!
القضية معقدة فعلاً، ولا ننكر أن الحل (العادل العاجل) يحتاج إلى حبة تحت اللسان، قبل جلسة العصف الذهني عالية المستوى.