كتب أيمن قحف
حسب معلوماتنا فقد بدأت وزارة المالية اليوم عملية الربط الإلكتروني للفعاليات التجارية في بعض مناطق دمشق وللشركات تمهيداً لتعميمها على كافة الأسواق والفعاليات . ونحن وإذ كنا نؤمن أشد الإيمان بأن من حق الدولة أن تحصل الضرائب والرسوم على أي نشاط اقتصادي تجاري كان أم صناعي وغيره وأن تضبط الأسواق وتطبق القانون وأن تعمد إلى مبدأ الشفافية والمساواة فهذا حقها وهو الذي يضمن عدالة الموارد والنفقات وتوزيع الخدمات العامة على المواطنين .
لكن من وجهة نظرنا فإن أول متطلبات الربط الإلكتروني والتكليف الضريبي الحقيقي للفعاليات تكون البيئة الموحدة للأعمال أي أن يعمل الجميع في بيئة واحدة لهم ما لهم وعليهم ما عليهم وفق القانون والأنظمة المعتمدة لا أن تكون هناك عدة بيئات وعدة أشكال من الفعاليات بحيث زيد يرث وعمر لا يرث .
إذا ألقينا نظرة الآن على الأسواق التجارية سنجد مختلف أنواع الشذوذ والمخالفات وانعدام المساواة ، بل يمكننا أن نقول بكل دقة أن النظامي وحده من يدفع الثمن ، الذي لديه تراخيص قانونية يدفع الثمن ، الذي يستورد ويدفع الرسوم الجمركية ويدفع ضرائبه هو الذي يدفع الثمن ، الذي لديه عمال مسجلين في التأمينات هو الذي يدفع الثمن ، الآن، الذي لديه نظام فوترة بما أنه نظامي يدفع الثمن ، في حين أن الفعاليات الأخرى المخالفة واقتصاد الظل الأسود ينعم بكل الإعفاءات والامتيازات .
إذا أردنا الحديث في قطاع الألبسة الجاهزة مثلاً فتم التغاضي لأسباب اقتصادية واجتماعية عن موضوع " البالة " ، وأعتقد أن تجارة البالة تستحوذ على نصف السوق تقريباً . إذا كان نصف السوق يعمل ويحقق الأرباح الطائلة من خلال هذا النشاط فلماذا يعفى من الربط الإلكتروني ، وهنا كيف سيتم ربطه في حال عدم وجود إجازات استيراد ، وليس هناك أي بيانات أو أي شيء قانوني في عمله ، ومع ذلك يعفى من الضرائب وتترك له حرية المنافسة ، في حين أن النظامي هو الذي يدفع .
هناك أسواق كاملة ومحلات وبأسعار لم تعد زهيدة وليست بمتناول المواطن ولكن لا يطالها أي أنواع من الضرائب أو التكليفات ، في حين أن أي محل نظامي أساساً دفع الرسوم والجمارك والضرائب ، الآن سيكلف عبر الربط بالضريبة الحقيقية ، ومع ذلك يعاقب لأنه نظامي ، بينما البالة كيف سيطالها وزير المالية وهيئة الضرائب والرسوم . مثال آخر "الأكشاك " مثلاً ، هناك أكشاك نعرفها ربما عائد كشك فيها يعادل عائد مول أو سوق تجاري .
هناك هل سيطبق الربط وسيقام عليهم الحد ، كما قلنا هذا حق الدولة لكن الكشك لا أحد يسأله عن إيراداته وأرباحه ، كيف سيستوي الأمران ؟ هناك أحياء بأكملها لا تطالها الإدارة الضريبية ، لنقل في الضواحي ، لنقل في حي عش الورور ، حي المزة 86 ، السومرية ، سرغايا ، السيدة زينب وغيرها الكثير .
هناك مناطق لا تطالها اليد الضريبية والجمركية ، هناك التهريب والمواد المهربة التي لا تتعامل معها الجمارك وبالتالي الضرائب لا تستطع التعامل معها . لذلك نقول لوزارة المالية ، عليك أن تؤمني البيئة المتساوية لجميع الفعاليات قبل أن تنجزي الربط الإلكتروني وتكلفيهم ضريبياً ، لأن هذا قمة في الظلم والإجحاف بحق النظامي فقط . ( يتبع )