كتب: مجد عبيسي
بينما كنت مستلقياً أخطط للمرحلة القادمة وأنا أنظر للسقف الذي كلما ظننته ارتفع أفاجأ بأنه يقترب أكثر ليطبق على أنفاسي، صحوت..
تباً للظلام.. أمسكت جوالي لأجول العالم وأجوب الفيافي والسهول والقفار وأستنشق لون الاكسجين، ولكن.. لا إشارة !
تباً للإشارة..
حملت جوالي المتعب وخرجت للشرفة علي ألتقط أنفاسي وأنفاسه، ولكني تعثرت بكيس كبير يضم أكياساً بداخلها أكياس بداخلها أكياس !، لا أعلم لماذا كل المنازل فيه كيس الأكياس هذا .. تباً للبيروقراطية.. تعثرت بالكيس الأم، فتناثرت أكياس أصغر محشوة بأكياس فتعرث مجدداً ومجدداً... تباً للتعثر في أماكن لا يفترض لنا أن نتعثر بها.. وهل الشرفة مكان مناسب للتعثر في مكان يعمه الظلام ؟!.. الخلاصة أني وصلت حافة الشرفة ووقعت، فصحوت !
نظرت للظلام حولي فلمحت السقف الذي كنت أرسم عليه خطط المرحلة القادمة، ضحكت ضحكة مبلغمة تناسب واقعي الذي لم يتغير، تنهدت وضغطت زر جوالي المرهق من البحث لساعات عن إشارة انترنت، ولا حياة.. وفجأة ارتجفت قطعة البلاستيك عالية التقنية هذه بين أصابعي.. وثب قلبي إلى أعلى الشاشة ليرى بعين الشوق أي إشعار وسيلة تواصل اجتماعي هذا الذي وصلني، ففوجئت بأنها رسالة نصية أرضية.. فتحتها فوجدتها فاتورة خط السيرف، لقد ارتفعت قرابة 35% عن الشهر الفائت.. ولا خدمة !
تباً للارتفاعات ! .. لماذا ارتفعت هكذا فجأة.. وهنا تذكرت ما تفوه به مسؤول حكومي حول ارتفاع أجور الخدمة مقابل تحسن واقع الشبكة وسرعتها... آه، ها قد وفّى هذا المسؤول بذمته ورفع الأجور... باقي الشق الآخر الذي وفاه لنا بالعكس، فقد ذهبت الخدمة بالكامل.. واليوم لا نت لمن تنادي !.. ادفع اشتراكك وحافظ على باقتك بِكْرٌ لا شية فيها !.
وقبل أن أغلق الجوال بيأس نظرت إلى الساعة فكانت تشير إلى الثامنة مساءً... فاتصلت بموظف خدمة الشبكة، قبل أن يثقل عيار المزاح وتختفي أبراج الاتصالات فجأة، فدلف إلي صوت موظف يائس من عمره على ما يبدو، يتكلم كالذكاء الصناعي تماماً مستغرباً بثي لشكواي حول عدم وجود شبكة نت أبداً : "حقيقي؟!.. تأكد يا أستاذ.. معقول ؟"
خطر لي أن هذا بمَ يفكر ؟!، هل ضاق بي الأمل لأتسلى باتصال مع موظف مبرمج بشارب في شركة اتصالات ؟! ، أم أني كنت من المفترين ؟! .. في النهاية لم آخذ منه لا حقاً ولا باطلاً إلا أني خلصت إلى طلب تسجيل شكوى وأغلقت المكالمة بصمت ضامّاً جوالي البلاستيكي إلى صدري لأستشعر نبضاته إن غفوت.. وشبكت كفيّ خاف رأسي، وعدت أحملق في الظلام لاستكمال الخطط المرحلية العظيمة التي تثقل تفكيري كل يوم حول سد العجز ولجم التكاليف ودعم الدخل والخروج من عنق الزجاجة.. و.. و...
كم أنا متعب !..متعب من كتابة لائحة تبريرات كل ما سيحدث عكس هذا على كامل مساحة ذلك السقف !