ابتكرت مجموعة من المهندسين السوريين جهازاً جديداً لتشخيص طيف التوحد عند الأطفال في سن مبكرة، ما يساعدهم في الحصول على فرصة للشفاء وتلقي رعاية أفضل.
الجهاز الذي صممه ونفذه مهندسون في اختصاصي هندسة الحواسيب والأتمتة وهم راما الشماع ورنيم بدران وعبد الرؤوف محمد وعبد الرحمن الكوجك المصري، عبارة عن متتبع عيني ينقسم إلى قسمين، يعتمد الأول على ربط كاميرتين إلى هيكل بشكل نظارة العينين، تصور إحداهما عيني الشخص الناظر ضمن المجال تحت الأحمر (آي أر)، وتصور الأخرى البيئة المحيطة للناظر، مع ربطهما ببرنامج يعزل بؤبؤ العين ويقدر حركته وزاوية النظر بدقة تصل إلى 85 بالمئة.
أما القسم الثاني الاختبار فهو عبارة عن تصميم محفز بصري للطفل، ويقوم على عرض فيديو قصير يحتوي مجموعة أشخاص وأشكالاً هندسية وتعابير وجوه، ودراسة تأثيرها على ردة فعل الطفل إزاءها (زمن النظر إلى كل شكل، مدة التدقيق في الأشكال، عدد مرات التشتت).
وأوضح المهندسون القائمون على المشروع بأنهم أجروا اختباراً للوقوف على فعالية الجهاز شمل 7 أطفال من عمر 3 إلى 8 سنوات، حيث تبين إصابة 3 منهم بمرض طيف التوحد، بعد ترجمة ردود أفعالهم عن طريق تصميم متتبع نظر بالزمن الحقيقي، يعتمد على تقنيات معالجة الصور والذكاء الاصطناعي والهندسة الفراغية، باستخدام لغة البرمجة (بايثون) للحصول على خرائط للتوجه البصري زودت بـ 11 صفة من صفات الأطفال الرئيسية من بينها العمر.
ووفقاً للمهندسين، فإن نتائج الاختبارات أظهرت وجود علاقة واضحة بين متوسط زمن النظر الكلي للأشكال الهندسية عند الأطفال، مع متوسط نصف قطر بؤبؤ العين عند مشاهدة هذه الأشكال، ووجود علاقة بين متوسط زمن التركيز على الأشكال الهندسية في نظرة واحدة مع عدد مرات النظر على نفس المنطقة، مع ملاحظة ضعف دقة التصنيف في حالة الأشكال الهندسية بسبب قلة البيانات.
وبين المهندسون القائمون على المشروع أن الفكرة التي نفذت في كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية بجامعة دمشق، أتت من كون حاسة البصر هي الأكثر استخداماً لدى الإنسان في حياته اليومية، وترتبط بالدماغ سواء بمعالجة المشهد البصري أو بطريقة تحليله للمعلومات، ولفتوا إلى أنه تم تقديم براءة الاختراع من وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك.
ولفت الدكتور مصطفى الموالدي عميد كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية والمشرف على المشروع، إلى أنه يمكن تطوير الجهاز ليصبح متعدد الأغراض وليتم استخدامه في مختلف الأبحاث التي ترتبط بحركات العين المختلفة، وتشمل العمليات المعرفية وتحليل سلوك الأفراد، إضافة إلى تشخيص الأمراض النفسية المرتبطة بالذاكرة البصرية كاضطراب التوتر والقلق ما بعد الصدمة بالتعاون مع الاختصاصيين ضمن المجال.
واشار إلى إمكانية استخدام عدد أكبر من العينات في تصنيف ردود فعل الأطفال في التعامل مع الأشكال الهندسية، منوهاً بالجهود المبذولة من الخريجين والطلاب بالتعاون مع أساتذتهم في تصميم وتنفيذ اختراع لرفع اسم جامعتهم عالياً وتحقيق التميز، وإطلاق مشروعات تتوجه إلى شرائح بعينها تحتاج المزيد من الاهتمام والرعاية.
يذكر أن المشروع حاصل على شهادة (وايبو) عام 2022، كما تم تكريمه ضمن ورشة “الاختراع والتطوير” التي أقامتها جامعة دمشق في الـ 11 من تموز الماضي.