قال وزير المالية كنان ياغي في حوار خاص حول المرسوم التشريعي رقم 30 وأهم التعديلات على قانون ضريبة الدخل: إن إصلاح النظام الضريبي مر بمراحل متعددة خلال العشرين سنة الماضية، وحالياً يوجد لدى وزارة المالية برنامج عمل واضح لإجراء تعديل جذري للنظام الضريبي الذي يعود في جزء منه إلى عام 1949، وبالتالي أصبح من الضرورة تطويره ليتلاءم مع متطلبات الواقع الاقتصادي الجديد، كاشفاً عن التوجه نحو نظام ضريبي جديد يقوم على ضريبتين وهما الضريبة على القيمة المضافة والضريبة الموحدة على الدخل، وقد صدر في العام الحالي تعديلان من خلال القانون 1 الذي عدل رسم الطابع، والمرسوم 30 الذي صدر يوم أمس الأول الذي عدل مجموعة من المواد من القانون 24.
وأشار الوزير إلى أن الربط الإلكتروني هو جزء من الإدارة الضريبية، وتسير الوزارة فيه بشكل جيد فالقطاع السياحي أصبح مربوطاً بشكل كامل وهو الآن أكثر القطاعات التزاماً بالضريبة، أما باقي المكلفين فقد وصلت نسبة الربط إلى 70% ولكن نسبة الالتزام ضعيفة، مؤكداً أن الوزارة مصرة على الربط الإلكتروني لأنه أساس العدالة لكونه يقوم على إبعاد العنصر البشري الذي يعد أساس المشكلة بين قطاع الأعمال والإدارة الضريبية، إضافة إلى أنه بموجب هذا النظام يُقدّم الرقم بشكل شفاف وبالتالي لا تفرض أي ضريبة على التاجر في حال خسارته.
وحول التعديلات التي نص عليها المرسوم التشريعي رقم 30، أكد الوزير ياغي أن المرسوم عبارة عن جزأين، الأول يخص التخفيضات والإعفاءات الضريبية لشريحة واسعة من الأشخاص، ويعد ذلك سياسة في وزارة المالية، حيث إنها لا تهتم بالمعدلات الضريبية العالية وإنما تهتم بالتحصيل الضريبي، فلا بد من إصلاح العلاقة بين الإدارة الضريبية وقطاع الأعمال، مشيراً إلى أن أهم المطالب في الاجتماعات التي عقدت مع الاتحادات الصناعية وغرف التجارة وقطاع الأعمال نصت على ضرورة إعادة النظر بالمعدلات الضريبية وذلك لضمان التزام قطاع الأعمال بها.
وبيّن ياغي أن الوزارة اتخذت الخطوة الأولى في التخفيضات الضريبية، وهي بانتظار مبادرة قطاع الأعمال بزيادة معدلات الالتزام وتخفيف التهرب الضريبي، لافتاً إلى أن المعدلات الضريبية أصبحت منافسة بالمنطقة ومنسجمة مع المحيط وخاصة أن سورية مقبلة على مرحلة استثمار وإعادة إعمار.
وفيما يخص موضوع الإعفاءات الضريبية التي نص عليها المرسوم الجديد، أشار إلى أن المرسوم رفع الحد الأدنى من الأجور المعفى من الضريبة إلى نحو 186 ألف ليرة بشكل أوتوماتيكي بالمقدار نفسه (أي إنه لا يحتاج فيما بعد إلى أي صك تشريعي في الزيادات القادمة) بعد أن كان في السابق 50 ألف ليرة، ويضاف على الحد الأدنى حصة التأمينات الاجتماعية غير الخاضعة للضريبة فيصل الجزء المعفى من الضريبة إلى 200 ألف، كما تم رفع الشريحة الأولى لتصبح من 200-250 ألف ليرة، وتكون الضريبة على الدخل المطبقة على هذه الشريحة 5 بالمئة، وتزاد فيما بعد النسبة درجتين لكل شريحة، معتبراً أن ذلك لا يشكّل أي عبءٍ ضريبي على الموظف، وخاصة أن سقف الراتب للفئة الأولى 316 ألف ليرة، مطمئناً الموظفين الذين تم اقتطاع ضرائب منهم على الأجر تصل إلى 25 ألف ليرة هذا الشهر قبل صدور المرسوم الرئاسي الأخير، بأنه سيتم تعويضهم خلال الشهر المقبل.
أما عن متممات الرواتب والأجور المتمثلة بالحوافز والمكافآت وطبيعة العمل التي كانت تخضع لضريبة 10% تقتطع لمرة واحدة (ضريبة الدفعة الواحدة)، فقد تم تخفيض هذه الضريبة بموجب المرسوم إلى 5%، لافتاً إلى أنه بموجب نظام الحوافز الجديد فإن الموظف من الممكن أن يتضاعف أجره في حال كان يعمل بمنشأة منتجة، معتبراً أن المرسوم أعطى من خلال ذلك زيادة مباشرة في الأجور.
وفيما يخص نفقات التمثيل (البدلات التي تعطى من أجل الهندام في بعض الوظائف)، بيّن الوزير ياغي أنها كانت في السابق 25 بالمئة مربوطة بالراتب المقطوع بسقف لا يتجاوز الـ30 ألف، فتم رفعه بالمرسوم الجديد إلى 200 ألف ليرة، كما تم تخفيض المعدلات الضريبية فقد كان سقف الشريحة الأعلى 260 ألفاً بالقانون 24، فجرى ترفيعها إلى 1.1 مليون ليرة بالمرسوم الأخير بضريبة 15 بالمئة، وأيضاً بموجب القانون السابق كان الدخل الذي يفوق 260 ألف ليرة يخضع إلى ضريبة 18 بالمئة، أي تم تخفيض سقف الضريبة على الدخل 3 درجات، أي شمل المرسوم مروحة واسعة من المزايا والإعفاءات والتخفيضات بالنسبة للرواتب والأجور، أي إن شريحة موظفي الدولة ليست مطرحاً ضريبياً تنظر إليه الوزارة.
وفيما يخص سقوف الأجور، أوضح الوزير أن السقف يفتح عند الزيادة بمقدارها، أما بالنسبة للعلاوات الدورية فهي قيد الدراسة ومن الممكن إعادة النظر بها.
وفيما يخص قطاع الأعمال، بيّن الوزير أنه مقسوم إلى جزأين: شركات أشخاص وشركات أموال، وقانون الشركات لا يميز بينهما في حين المشرع الضريبي يميز، وعند الانتقال من الأولى إلى الثانية يرتفع مستوى الشفافية والإفصاح والالتزام، لذا لا بد من تخفيض معدلات الضريبة عنها، وبالنسبة لشركات الأفراد فقد تم تخفيض الحد الأعلى على الأرباح السنوية بمقدار 3 درجات، وتم رفع الحد الأدنى المعفى من 50 ألف ليرة إلى 3 ملايين ليرة، وبعدها يدخل الدخل الصافي بالشرائح التي تم تخفيضها أيضاً 3 درجات مئوية.
وعن القطاع الزراعي، بيّن ياغي أنه تم إعفاء منشآت المباقر والمداجن بشكل مطلق ونهائي من الضرائب، تشجيعاً لهذا القطاع.
وأكد ياغي أن ما ينفق على تحسين مستوى المعيشة من الموازنة العامة للدولة هو بندان: الرواتب والأجور والدعم الاجتماعي، فبند الرواتب والأجور يبلغ 2100 مليار للقطاع الإداري فقط، لأن رواتب المؤسسات الاقتصادية ليست في الموازنة العامة للدولة، أي إن مبلغ الـ4000 مليار ليرة يشمل رواتب كل القطاعات مع التعويضات، وسابقاً كان الحديث عن تخفيف العجز المالي، أما حالياً فهو عن إعادة للهيكلة، متابعاً: «وجميعنا متفقون على وجود إشكاليات بآليات الدعم الموجودة، وارتفاع سعر الصرف يزيد من تضخم كتلة الدعم، أي إننا ننقل كتلة التحسين من الطريقة غير المباشرة إلى الطريقة المباشرة، والمشكلة الحقيقية في المحروقات، إذ هناك فساد وهدر كبير»، مؤكداً أن تخفيف العجز ليس هدفاً، وكل القرارات الحكومية لمصلحة الشرائح الأكثر احتياجاً.
وأكد وزير المالية أنه لا يوجد قرارات اقتصادية إيجابية بالمجمل أو سلبية بالمجمل، وأحياناً تحمل الوجهان فتكون إيجابية لشريحة وسلبية لشريحة، وأحياناً تكون مفاضلة بين سيئ وأقل سوءاً، وبالنسبة لتحريك أسعار المشتقات النفطية من المؤكد أنها ستؤثر على التكلفة وبالتالي على السعر، لكن عندما يتم النظر إلى الموضوع بشكل كلي، معتبراً أن المشكلة الكبيرة هي وجود سيولة نقدية كبيرة خارج القطاع المصرفي، وهي كتلة نقدية خارج سيطرة المصرف المركزي، فلا بد من تجفيف هذه السيولة التي تستخدم في المضاربة على السلع والمعادن والعقارات.. إلخ.
وأضاف: «صحيح أن القرارات الأخيرة رفعت التكلفة والأسعار إلا أنها ضبطت سعر الصرف الذي تؤثر عليه الظروف الاقتصادية والسياسية الإقليمية والعالمية».
وشدد ياغي على أن الدعم موجود وسيبقى ولن يرفع بشكل مطلق، بل هو مجرد تحريك أسعار، وخاصة أن الوفر ذهب إلى الفئات الأكثر هشاشة التي صار الموظف جزءاً منها، وتم توجيه وزارة الشؤون الاجتماعية من قبل مجلس الوزراء للنظر في شريحة العاطلين عن العمل، لمعالجة مشاكلهم قدر الإمكان.
واستغرب الوزير من بعض الدراسات التي تنشر وتتداول على مواقع التواصل الاجتماعي، وهي مبنية على أرقام خاطئة، مؤكداً استعداد الوزارة لتقديم الأرقام الصحيحة للباحثين والدارسين، وعندما تقدم الحكومة أرقاماً فهي حتماً صحيحة لأنها تخضع لرقابة بقية الجهات.
وبخصوص زيادة تعويضات بعض الشرائح، أكد أنها زيادات ضرورية جداً ويتم دراسة شرائح جديدة تضاف إليها، ومجلس الوزراء نقل الكرة إلى ملعب الوزارات لتحديد شرائح أخرى أيضاً تستحق زيادة تعويضاتها، وكل هذا بعد زيادة الرواتب والأجور 100 بالمئة.
وأكد ياغي أن موضوع زيادة الرواتب والأجور هو أكثر قرار أخذ حيزاً من التدقيق والدراسة وإعادة الدراسة على كل المستويات، وبالنسبة للأثر العكسي العائد على المواطن جراء الزيادة وتحريك بعض الأسعار لا يتجاوز أكثر من 40 بالمئة، لكن الزيادة حدثت مع تقلبات سعر الصرف سببها مضاربات على الليرة حدثت صباح إصدار الزيادة في الشمال السوري.
وختم ياغي الحديث بأن الحكومة كاملة تبذل كل الجهود الممكنة، لكن يجب ألا ننسى -وإن بدا هذا الكلام مكرراً- حرب الـ 12 عاماً وقانون «قيصر» وتحول ما كان مورداً للخزينة سابقاً إلى عبء على الخزينة والزلزال، وكل ما تقوم به الحكومة من إجراءات يهدف إلى تحسين الصادرات والحصول على القطع الأجنبي أي دعم الإنتاج.