|
|
|
|
مجزرة الحولة بين التدخل العسكري والحرب الأهلية.. وأحلاهما مرّ |
|
|
علي مخلوف مجزرة الحولة المروعة حديث الكرة الأرضية، حملات إعلامية ضخمة توظف هذه المجزرة لاتهام الدولة السورية بها، والنيل منها، لا بل جعلها ذريعة تستوجب استجلاب ملائكة الناتو وقديسي المارينز إلى الأرض السورية بمباركة رعاة الإبل، وطبعاً هذه المجازر التي تتحول لذرائع تكون دوماً بسواعد عشاق حوريات الجنان أي مقاتلي القاعدة والتكفيريين من باقي المجموعات. الصحف الغربية تحرض على الحرب الأهلية بعد حدوث مجزرة الحولة المروعة تسابقت الصحف الغربية والناطقة بالعربية لتحميل الجيش العربي السوري مسؤوليتها! متخذين من تلك المجزرة ذريعة لحملة صحفية أخرى تستدعي حرباً أهلية ظلّوا شهوراً يتحدثون بها. صحيفة الفايننشال تايمز البريطانية نشرت تقريراً بعنوان "خطة الأمم المتحدة في سوريا في مهب الريح"، ويزعم التقرير بأن المذبحة في الحولة أثارت المخاوف من اندلاع موجة من أعمال القتل الطائفية في حال قام الثوار، وغالبيتهم من طيف معين، بالانتقام من سكان القرى القريبة من الحولة، ومعظمهم من طيف آخر. وهذا يجعلنا نتوقف عند ما نشرته الصحيفة لأنه أقرب ما يكون لإعطاء ضوء أخضر أو أمر عمليات لبدء الاقتتال على أساس مذهبي،لا بل لن نبالغ إن قلنا بأن هذه المجزرة جاءت خدمة لتلك الصحف والمسيطرين عليها، ولن نبالغ أيضاً بأنهم كانوا ينتظرون حدثاً بهذا الحجم ليكون منصةً لإطلاق الأحكام وتسعير الأوضاع والتصوير بأن هناك حرباً أهلية فعلية. صحيفة الغارديان أفردت مساحةً لتقرير حول مجزرة الحولة أيضاً زعمت فيه بأن الحولة هي "رواندا أخرى"، وأن الحولة مثلها مثل بقية مناطق حمص أصبحت مرتعاً للمعارضة المسلحة التي تواجه النظام. تقرير الغارديان لم يكتف بذلك بل تعدى الأمر إلى الزعم بأن أدلة جديدة ظهرت تفيد بأن أفراد من الدائرة الضيقة المحيطة بالنظام هم من يصدرون بشكل مباشر أوامر لارتكاب جرائم ضد الإنسانية! أولاً: إن تشبيه الحولة برواندا هو أحد أقوى الأدلة لغايات تلك الصحف، فرواندا حدثت بها مجازر تطهير عرقي وطائفي، وتحول ملفها إلى مجلس الأمن وحقوق الإنسان وقامت الدنيا بسببها ولم تقعد، وهم يريدون القول بتلك المقاربة الظالمة بأن مجازر إبادة وتطهير طائفي وقعت في الحولة؟ لا بل يريدون وبالإقحام تسويق صورة أن ما يجري في سورية هي حرب أهلية ومجازر إبادة تستدعي التدخل. أما صحيفة التايمز فقد نشرت تحقيقاً ادّعى بأن الغرب بدأ بتشديد سياسته حيال النظام في سورية بعد مجزرة الحولة، وفي ذات السياق تنشر الاندبندت تقريراً حول ذات الموضوع مفاده بأن سورية تواجه ردود فعل عنيفة على مذبحة الأبرياء! هذا التقرير أيضاً يندرج تحت مظلة حملة إعلامية منسقة ومحضّرة بين تلك الصحف ضد سورية، إذ ما معنى أن تواجه سورية ردود فعل عنيفة إلى اتهام الجيش العربي السوري بمسؤوليتها؟ وشرعنة وجود قوى أخرى مسلحة من بينها عصابات الجيش الحر ومستوردو تنظيم القاعدة؟! إسرائيل تنتفض لأجل الحولة!! صور مجزرة "الحولة" تتصدر الصحف العبرية تحت عنوان "ذبح الأطفال في سورية"، و"الأسد يقتل الأطفال"، رغم أن الصورة المبني على أساسها الخبر هي صورة لضحايا مقبرة جماعية قتلوا في منطقة “نصيّب” العراقية عام 1991. وإن كان هذا يثبت شيئاً فهو يثبت بالدليل القاطع الارتباط والتنسيق بين العصابات المسلحة في سورية وبين كيان العدو، حيث أن هذه الصورة نشرتها مواقع الـ"ثورة" ومجموعات "التنسيقيات" على صفحاتها لإثبات مجزرة الحولة، وبالتالي هي من قامت بإرسالها إلى كيان العدو لتتصدر صحفه. وقبل هذه المجزرة كلنا نتذكر آفي ديختر أحد أرفع مسؤولي الأمن والاستخبارات في الكيان الصهيوني وهو يطل من هضبة الجولان السورية المحتلة ويوجه رسالةً إلى الـ "ثوار" وباقي الشعب بأن ينتفض لأجل العزة والكرامة والحرية، وأن إسرائيل وشعبها مع هؤلاء؟ فتأمّلوا!. وقبلها أيضاً صدرت تصريحات عن كل من بنيامين نتنياهو قال فيها بأن زوال النظام في سورية هو الأفضل لإسرائيل وكل من في المنطقة، تواترت هذه التصريحات والمواقف مع عرف ساد الأوساط الإسرائيلية يتلخص بالتالي"إن سقطت سورية فلن يصبح هناك أيّ شيء مستحيل"! الفكر الأصولي يعود مجدداً كلنا يذكر قيام طالبان بتدمير التماثيل البوذية في أفغانستان وعلى الحدود الباكستانية بحجة أنها أصنام، والآن في مصر تعالت أصوات أصولية تكفيرية وهّابية بوجوب هدم الأهرامات أيضاً لذات الحجة وهي أنها من مخلفات الشرك والفكر والوثنية، أما في سورية فقد أقدمت عصابات "كتيبة الفاروق"الإجرامية، التابعة لما يسمى "الجيش السوري الحر"، والتي يقودها المجرم الفار عبد الرزاق طلاس، على حرق قلعة حمص بعد استهدافها بالأسلحة الثقيلة، حسب تعبيرهم. ووزّع المجرمون شريطاً يتباهون فيه بفعلتهم، مؤكدين أن حرق القلعة "جاء رداً على مجزرة الحولة"، كما كتبوا!؟ حرق قلعة حمص يعيد إلى الأذهان قضية حرق قلعة المضيق شمال حماة قبل بضعة أشهر. يومها ادّعوا أن السلطة هي التي قصفت القلعة. الآن وبعد اعترافهم بأنهم هم من حرق قلعة حمص، علينا أن نقول إنهم هم أيضاً من حرق قلعة المضيق. كما أننا يجب أن نشير بأن ما سبق من عقلية الهدم والتدمير ليست وليدة الفترة الراهنة التي تمر بها المنطقة بل هي امتداد للفكر الوهابي الظلامي، الذي أراد هدم قبر الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وهدم العديد من الأوابد الإسلامية المقدسة، فيما تُترك قلعة خيبر على حالها دون المساس بها لا بل ويتم التشديد على حراستها وحفظها! فما مغزى ذلك؟. ماذا حدث بالضبط؟ في منطقة الحولة يقطن أغلبية سكانية من طيف معين فيما الباقي من عدة أطياف، المجزرة لم تفرق بين أحد، فكانت المصيبة، بعض من ينتمي لمنطقة الحولة قال بأن ليبيين وتونسيين ويمنيين وبعض الزعران كانوا يتواجدون في المنطقة ويترددون إليها، وفي منتصف الأحداث كان يسيطر هؤلاء الزعران على الحولة، هذه المنطقة لم يدخلها الجيش إلا مرة واحدة وانسحب منها منذ أشهر، وكان تواجدُ الجيش يقتصر على حواجز ومفارز. مصادر مطلعة قالت بأن من ارتكب المجزرة تكفيريون مستوردون وعدد كبير منهم من الليبيين، وبعض التونسيين غيرهم ،قاموا بقتل الأبرياء وصوّروهم على أنهم قُتلوا بقصف مدفعي! لكن السؤال هل يكون القصف المدفعي بآثار ذبح وتنكيل أم يحول المرء إلى أشلاء؟ وهل تُزود القذائف بحبال لتقييد من يُستهدفون بالقصف؟ نعود إلى ما رشح لنا من معلومات فنقول بأن تلك المصادر قد قالت بأن ذات الأيادي الآثمة قامت بارتكاب مجازر في قرى مجاورة مثل "الشومرية" وكانت تهدف في ذلك إلى خلق فتنة مذهبية ليظن أهل كل منطقة بأن المنطقة الأخرى هي من قامت بالقتل؟! كلمة لا بد منها مجزرة الحولة والتي راح ضحيتها 108 شهداء، بينهم 34 طفلاً لا ذنب لهم، صعقت كل سوري، هذه الفاجعة تحولت إلى مادة يُتاجر بها من قبل جهات كثيرة لا بل من يتابع سياقها وردود الأفعال عليها يتأكد بأنه كان مدبراً لها ويتم انتظارها والمراقب أيضاً لتصريحات بعض الغربيين ومعارضي الخارج يتذكر كيف أطلقوا النار على مبادرة كوفي أنان وكيف بدؤوا قبل مجيء المراقبين بالتمهيد لحرب أهلية والحديث عنها، يقول البعض بأن مجزرة الحولة هي بمثابة ساعة الصفر للمجموعات الإجرامية والتكفيرية، فيما يرى آخرون بأنها ضوء أخضر كبير لضرورة استجلاب تدخل خارجي. لكن الملفت في القصة هو وقوع مجزرة في قرية الشومرية دون أن يذكرها أحد وهي وقعت بذات الوقت الذي وقعت به مجزرة الحولة، فلماذا التكتم عن واحدة دون أخرى رغم أن مرتكبي المجزرتين في الحقيقة هم جهة واحدة، أي تكفيريون ليبيون وتونسيون ويمنيون وبعض من يُسمون بالسوريين المتأسلمين؟ أليس أهالي الشومرية سوريين أيضاً؟ ثم يجب التنويه على إنه ومنذ بداية الأحداث فإن منطقة الحولة وعقرب وتلدو كانت من أكثر المناطق التي يلجأ إليها المتشددون وقد قام هؤلاء بارتكاب جرائم كثيرة ومخيفة من قتل وحرق وتدمير واغتصاب وخطف ولم يتحدث عنها أصحاب القلوب من معارضي الخارج وحملة لواء الإسلام المتصهين! فلماذا إذاً ما نراه من ردود فعل على الحولة سوى تحريفها واستغلالها والزعم بأن الجيش العربي السوري من قام بها، فيما يذهب آخرون تكفيريون للاصطياد بالماء العكر والقول بأن الجيش ليس هو من ارتكب الجريمة بل من يُسمون بالشبيحة ومناصري الدولة!! وطبعاً هذا الادّعاء الحاقد الهدف منه هو تعزيز فكرة الحرب الأهلية وتسعير الأوضاع. والهدف النهائي لفكرة الحرب الأهلية هو استجلاب قوات خارجية بأسماء مختلفة أو حتى بأساليب متعددة، فإما أن تكون قوات لليونفيل أو حفظ السلام، أو يكون تدخلاً عسكرياً غير ملزم أممياً بل صادر عن عدد من الحكومات والأنظمة، ولا ضير من أن تُربط محاولات تسعير المذهبية في الشمال اللبناني بمجزرة الحولة لاسيما بعد فشل مخطط الشمال فانتقل السيناريو الشيطاني لتُرتكب مجازر من نوع ثقيل في مناطق ذات دلالة معينة.
|
الأزمنة |
|
السبت 2012-06-02 18:08:42 |
|
|
|
|
|
|
|