معد عيسى
تمارس الدولة وظيفتها عبر سياسات أكثر منها بقرارات وأوامر إدارية وبالتعاون مع قوى المجتمع الفاعلة وليس من خلال الوصاية عليها حيث توفير الشروط الضرورية لحماية المجتمع من خلال سيادة القانون، وعدم حماية فئة محددة أو أشخاص.
الأسواق تشهد اليوم ارتفاعاً غير مسبوق في الأسعار لدرجة ضاقت بها كل السبل أمام المواطن لتأمين قوته اليومي وسط عجز حكومي عن ضبط الأسواق، البعض ربط ارتفاع الأسعار بالدولار ومن ينفي ذلك يكون مجافياً للحقيقة ولكن لو راقبنا ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الليرة لما وجدنا تناسباً بين ارتفاع سعر صرفه وارتفاع أسعار المواد، فالدولار ارتفع خلال ستة أشهر بمعدل مئة ليرة بنسبة 30 % ولكن هناك بعض السلع البسيطة ارتفعت عدة أضعاف بشهر واحد وليس 30 % كما هو حال الدولار في ستة أشهر.
آليات ضبط الأسواق فشلت ولم يعد الأمر متوقفاً عند ارتفاع الأسعار وإنما تعداه لموضوع صلاحية الاستهلاك البشري والتلاعب بالكميات والنوعية.
وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك تؤكد ما سبق وتؤيد كلامها بسرد عدد الضبوط المنظمة ونوع المخالفة ولكنها تؤكد عدم كفاية ذلك وتظهر عذرها بمحدودية عدد المراقبين لديها.
في كثير من دول العالم يتم التعاطي مع عملية ضبط الأسواق بطريقة مختلفة تعتمد الشكوى وكي لا نظلم فهي معتمدة لدينا ولكن من يشتكي يحتاج محامياً متمرساً ليدافع عنه أمام أسئلة وأسلوب الرقابة التموينية وعليه أن يلغي كل ما لديه من أعمال في ذلك اليوم لينهي مشكلته التي أوقع نفسه بها وعليه أن يقسم ألف يمين عن صدق كلامه ليقنع مراقب التموين لا سيما وأن وداعة البائع وحالته التي تثير الشفقة تثير شكوك المراقب حول الشكوى وتدفعه للدفاع عن البائع.
كثير من الدول تُعتمد مراكز داخل الأسواق على شكل مخافر معروفة للجميع يلجأ لها المواطن ليشتكي ارتفاع الأسعار كما أنها تسيّر دوريات بشكل دائم وتتعامل مع الشكاوى بطريقة مختلفة تؤسس لثقافة الاكتفاء بالشكوى وإعطاء العنوان دون داعٍ لحضور المشتكي.
التأسيس لثقافة دفع المواطن للشكوى تحتاج لإرادة أكثر منها لإمكانات مادية ولكن يبدو أن ثقافتنا راسخة حول أن الشكوى لغير الله مذلة.