سيريانديز:رانيا شحيدة-رولا أحمد
استكمالاً لملف فوضى الأرقام الذي طرحته سيريانديز في حلقة سابقة توجه فريق سيريانديز إلى المكتب المركزي للإحصاء للحصول على تفسير لما يدعى (فوضى الأرقام والتصريحات) حول حجم الأضرار التي طالت الاقتصاد السوري خلال الأزمة كونه الجهة المسؤولة قانوناً بتقديم أرقام وإحصاءات دقيقة لتكون المفاجأة بالحوار المثير للجدل والداعي لبعض الشكوك حول تطبيق صلاحيات المكتب والدور المناط به.
وفي السياق كان الحوار مع مدير الاحصاءات السكانية والاجتماعية في المكتب المركزي للاحصاء الدكتور علي رستم ليطلعنا أن المكتب الإحصائي هو الجهة السورية الوحيدة المؤهلة والمخولة بإعطاء رقم إحصائي حصراُ أما فيما يتعلق بحجم الضرر فهو غير إحصائي ولا يعتبر من صلاحيات المكتب، وأشار لسيريانديز إلى نوعين من الإحصاءات إحداهما الإحصاءات الجارية التي تنتجها جهات الدولة ويقوم المكتب بتقييمها ودراسة مدى منطقيتها، كما يملك المكتب صلاحية الأمر بإعادتها وعدم التصديق عليها إذا لم تكن مقنعة، لافتاً إلى أن الأرقام الوحيدة التي نشرها المكتب هي الرقم القياسي للأسعار وموضوع التضخم فقط.
وأكد أن المكتب لم يتدخل فيما يخص حجم الضرر حيث تم تشكيل هيئة خاصة بإشراف وزارة الإدارة المحلية لمتابعة الموضوع، واعتبر هذه الحالة استثنائية نتيجة الأزمة التي تشهدها سوريا.
وأوضح علي أن فوضى الأرقام التي طرحتها سيريانديز ربما تكون نابعة من اختلاف المنهجيات والمرجعيات،
وأن الظروف الراهنة التي تمر بها البلاد أعطت البعض مجالاً للتكهن في موضوع الأرقام، وأنه لا علاقة للمكتب بهذه الظاهرة فهو لم ينشر أي رقم بهذا الخصوص، فكل قطاع يملك التصور الكامل عن حجم الضرر لديه، وهناك جهة مسئولة عن جميع القطاعات هي الإدارة المحلية وهيئة التخطيط والتعاون الدولي بمشاركة المنظمات الدولية كمنظمة إعادة الإعمار حيث يدّعون أن جميع الأرقام المتعلقة بحجم الضرر تصدر من قبلهم لكنهم لا يزودون المكتب بها.
ورداً على السؤال حول أعمال المكتب قال رستم أنه يقوم بدوره المناط به في جمع البيانات مشيراً أن الدول عموماً لا ترغب بإظهار بعض الأرقام في وقت الأزماتلما لها من تأثيرات سلبية أو حتى إيجابية على الأداء.
وبدوره نوه بالمسح الميداني الذي أجراه المكتب مع الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان منذ عام ونصف والذي أعطى حجم الضرر من خلال أشخاص متواجدين على الأرض في مختلف القطاعات،إضافةً إلى المسح الذي انتهى حديثاً بالتعاون مع صندوق المعونة الاجتماعية حيث شمل الاستبيان الخاص به أسئلة متعلقة بحجم الضرر في قطاعات عدةوتم رفعه لاحقاً لرئيس مجلس الوزراء ليتم اعتماد النتائج، كما أوضح أن وزارة الشؤون الاجتماعية وبشكل خاص صندوق المعونة هو الجهة التي تملك الصلاحية بإعطاء كافة البيانات كونها تعمل على الأرض في حين كرر قوله أن المكتب الإحصائي غير مخول بذلك.
وأوضح أنه من خلال مسح المعونة تم تقسيم سوريا إلى 3000 تجمع سكاني باستثناء بعض المحافظات التي لا يمكن الوصول إليها وتم اختيار 6 أشخاص من كل منطقة وصفهم بالمفتاحيين ليجيب كل منهم عن حجم الضرر في قطاع معين وكانت الإجابات منطقية إلى حد كبير، حيث يتم العمل بناءً على منطقية الرقم بسبب تعذر الوصول إلى رقم دقيق بالكامل، وبدوره أكد أن أهم نقطة في العمل الإحصائي هي الوعي من الناس التي تعتبر مصادر البيانات.
وأردف قائلاً: إن نظام إحداث المكتب والمراسيم الخاصة به مأخوذة من التعليمات الدولية والمبادئ العشر للإحصاء، وفي هذا السياق أشار إلى عراقة الإحصاء السوري وتاريخ المكتب العائد إلى 47عاماً، وأهمية عمله في تقديم إحصاءات شاملة من أجل اتخاذ قرارات صحيحةلإعادة الإعمار، وفي حالة وجود خلل في الأرقام يتم تكليف جهة محددة يكون رقمها الفيصل بهذا الموضوع.
وفي إطار العمل المستقبلي ضمن مرحلة إعادة الإعمار أكد رستم أنها لن تبدأ بشكل اعتباطي وسيتم توزيع الأدوار على الجميع،ولايمكنلأيجهةأنتأخذدورالمكتبالمركزي إضافة إلى المسوح الدورية والطارئة التي سيتولاها المكتب ووضع خطط سريعة لتنفيذها وفق إجراءات سريعة.
وختم قائلاً: لا يمكن تقدير التكلفة النسبية للبدء بإعادة الإعمار دون وجود تصور بسيط عن حجم الضرر مسلطاً الضوء على أجهزة التخطيط في الوزارات واللجان على مستوى الدولة كاللجنة الاقتصادية ولجنة الخدمات ولجنة إعادة الإعمار
وفي سياق متصل صرح المدير العام للمكتب المركزي للإحصاء الدكتور إحسان عامر لجريدة البعث أن أرقام المكتب هي المعتمدة من الحكومة،وأن كل جهة من الجهات تفصّل الرقم الذي تريد، مشيراً إلى أن المكتب في السابق كان يزوّد بعض المنظمات الدولية بالبيانات الإحصائية بموجب اتفاقيات،أما الآن فهذه البيانات محصورة بالجهات المعنية، وسبق لوزير المالية الإشارة إلى هذا الأمر في مؤتمر الاتحاد العام لنقابات العمال بقوله: إن المكتب المركزي للإحصاء يقدّم بشكل مستمر بيانات إحصائية للحكومة، ولكننا كلجنة اقتصادية أصدرن اقراراً بعدم نشرها، كما اعتذر عامر من زبائن المكتب لعدم تزويدهم بما يطلبون من بيانات إحصائية رغم توفرها لدى المكتب.
وأخيراً يتساءل مراقبون هل تخلى المكتب المركزي للإحصاء عن صلاحياته طوعاً أم تقصيراً أم أنه غير قادر على إنجاز مهامه المنسوبة إليه أصلاً خلال هذه الظروف الاستثنائية أمأنه لا يريد أن يصرح عن الأرقام الموجودة في جعبته؟
وما دور الحكومة في كف الألسنة عن الإدلاء بتصريحات لمجرد التصريح بغض النظر عن مدى منطقيتها ودقتها ووضوح الوسائل التي استخدمت للوصول إليها خلال فترات زمنية متقاربة؟
ويبقى في النهاية التساؤل:هناك فوضى أرقام صادرة عن جهات عديدة،وإذا لم يعتمدها المكتب المركزي للإحصاء فمن الجهة القادرة على منحها تلك الاعتمادية القانونية والعلمية؟!