دمشق- سيريانديز
نظمت مديرية الإعلام التنموي في وزارة الإعلام بالتعاون مع الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان اليوم ورشة عمل موجهة للإعلاميين حول “حظر تجنيد الأطفال في الأعمال القتالية” وذلك في المركز العربي للتدريب الإذاعي والتلفزيوني بدمشق.
وأكدت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل ريمه القادري في كلمتها خلال افتتاح الورشة أن الطفولة السورية كانت من أكثر المتضررين جراء الحرب الإرهابية التي تتعرض لها سورية وهو ما دفع بالجهات المعنية إلى اتخاذ خطوات استباقية وتدابير حقيقية لحماية هذه الطفولة حيث تم وضع وثيقة من أجل الإبلاغ عن مثل هذه الحالات ورصدها ووضع خطة وطنية للتعاطي العملي الإيجابي والفاعل معها حيث بدأت الوزارة بتجهيز مراكز مناسبة لاستقبال هذه الحالات وعلاجها مشيرة إلى أن هذا الموضوع يحتاج إلى جهود كبيرة ولا تستطيع الوزارة أن تقوم بها لوحدها.
ولفتت الوزيرة إلى أن أطفال وأبناء سورية هم جزء من رأس المال البشري الذي سيسهم في بناء سورية بمرحلة إعادة الإعمار التي لن تقتصر على الحجر وإنما على البشر أيضا مشيرة إلى المهام الملقاة على عاتق الإعلاميين في هذا المجال عبر نشر الوعي المجتمعي.
من جهته أكد وزير الإعلام المهندس محمد رامز ترجمان أن المنطقة بشكل عام وسورية بشكل خاص تتعرضان لعدوان وإرهاب يستهدف تدمير حضارتها وتراثها وثقافتها وإنسانيتها معتبرا أن ظاهرة تجنيد الأطفال تعد كارثة إنسانية وأخلاقية واجتماعية بكل معنى الكلمة والمقاييس والمعايير وهي جريمة لأنها تحرم الطفل من حق الامان والاستقرار والسلامة الجسدية وتحرمه من حق الحياة والعيش بكرامة كما أنها تقتل البراءة لدى الطفل وتحول هذا “الكائن الملائكي إلى كائن وحشي همجي يمارس القتل والذبح والتعذيب”.
وقال الوزير ترجمان.. “إن الإعلام السوري أمام مهمة صعبة حيال هذه الظاهرة التي تدينها كل التشريعات القانونية والاديان السماوية وحقوق الإنسان” مبينا أن وزارة الإعلام وضعت خطة طموحة ومتشعبة عبر مديرية الإعلام التنموي سيتم البدء بتطبيقها العام القادم بالتعاون مع المنظمات الأهلية والإنسانية والدولية للتركيز والإضاءة على هذا النوع من القضايا والتركيز على الطفولة في سورية بشكل عام وإنقاذها من الإرهاب.
ولفت وزير الإعلام إلى أهمية دور الإعلام في توعية الشارع السوري بخطورة هذه الظاهرة وآثارها السلبية على المجتمع وخاصة مستقبلا وفي مرحلة إعادة الإعمار معتبرا أن الأطفال هم بناة سورية المستقبل وهم البنية الأساسية الرئيسية لإعادتها كما كانت لذا فإن وسائل الإعلام هي النافذة الرئيسية لاطلاع الرأي العام المحلي والعالمي على خطورة هذه الظاهرة ووضع المنظمات والمجتمعات الدولية أمام مسؤءولياتها مشيرا إلى أهمية الورشة في تسليط الضوء على ما تقوم به سورية من خطوات وإصدار تشريعات لحماية الطفل والطفولة لتأمين حماية الطفل وتهيئته لبناء سورية المحبة والسلام.
بدورها بينت رئيسة الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان هديل الأسمر أن أشكال تجنيد الأطفال في سورية وفي مخيمات الدول المجاورة تنوعت واكتسبت مظاهر دموية غير مسبوقة استهدفت الطفل بعمر الرابعة حتى باتت التنظيمات الإرهابية وفي مقدمتها “داعش” تتفاخر بتجنيدها للأطفال بعد اختطافهم من أهاليهم وتحويلهم إلى آلات للقتل ووضع السكاكين في أيديهم ودفعهم للذبح جاعلة منهم “قنابل موقوتة” وقد رصد عدد كبير من المنظمات غير الحكومية الدولية ظاهرة تجنيد الأطفال من قبل التنظيمات الإرهابية.
وقالت الأسمر.. إنه على ضوء هذه الوقائع والمستجدات أصدرت الحكومة السورية القانون رقم 11 الذي يجرم كل من جند طفلا وتتم متابعة الأطفال الذين تم إشراكهم بالأعمال القتالية من خلال مراكز للرعاية تتبع لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وصولا إلى وضع خطة عمل لمناهضة هذه الظاهرة وإنهائها وذلك بمشاركة جميع الجهات ذات الصلة ومن المتوقع أن ينفذ على ضوئها عدد من الأنشطة التي ترمي إلى إعادة اندماج هؤلاء الأطفال في المجتمع مشيرة إلى أن الورشة فرصة لتسليط الضوء على هذه الظاهرة وسبل التخلص منها وصولا إلى جيل معافى ليبني سورية المستقبل.
من جهته تحدث الدكتور ياسر كلزي اختصاصي بالعدالة الجنائية وحقوق الإنسان خلال عرض قدمه عن حظر تجنيد الأطفال في القانون الدولي والقانون السوري قائلا.. “إن ظاهرة تجنيد الأطفال غير معروفة في سورية لذا لم يكن هناك أي نص في القوانين السورية يتناول تجنيد الأطفال إلا في إطار الموضوعات العامة المتعلقة بحقوق الطفل او التقارير التي كانت ترفعها سورية للجان الدولية فيما يتعلق بالتزامات الدولة بتطبيق الاتفاقيات باعتبار أن سورية مصدقة على اتفاقية حقوق الطفل والبروتوكول الخاص بإشراك الاطفال بالنزاعات المسلحة”.
وأشار الدكتور كلزي إلى أن الحرب على سورية ودخول التنظيمات الإرهابية إلى بعض المناطق في سورية أدى إلى ظهور حالات لتجنيد الاطفال باعتبار أن الطفل هو الاكثر سهولة للتجنيد ويمكن السيطرة عليه بسهولة واستخدامه في الترغيب عن طريق دفع مبالغ أو عن طريق الضغط عليه وعلى أهله لافتا إلى أن القانون رقم 11 عاقب كل من جند طفلا على أراضي الجمهورية العربية السورية سواء كان للإشراك في الاعمال القتالية او الاعمال المتصلة بها ولم يقتصر على موضوع التجنيد فقط وانما كل الامور الاخرى المرتبطة بالعمل القتالي من حمل السلاح او المراقبة او التفتيش كلها أدرجت في القانون الجديد معتبرا أن هذا القانون كاف للتعاطي مع هذه الظاهرة ومجرد عودة الأمن والأمان سيكون هناك قضاء لظاهرة تجنيد الاطفال كونها وليدة الأزمة ومن قبل اشخاص قدموا إلى سورية.
بدوره تحدث مدير الاعلام التنموي عمار غزالي عن دور الإعلام في التعامل مع قضايا تجنيد الأطفال مشيرا إلى أن الإعلام بشكل عام معول عليه في نشر التوعية وليس فقط في نقل الاخبار والاقتصار على فعاليات معينة كما أن بناء قدرات الاعلاميين يتطلب تدريبا مستمرا ولقاء مع الإعلاميين وتزويدهم بآخر المعلومات والخطط والاستراتيجيات.
وبين غزالي ان تجنيد الاطفال قضية مهمة جدا وهي من إفرازات الحرب الإرهابية على سورية مشيرا إلى أن توجهات الوزارة ستركز في الفترة القادمة على تكثيف التدريب للإعلاميين وتعريفهم بأحدث المستجدات.
وكانت تقارير صادرة عن منظمات دولية وتقارير صحفية أكدت قيام التنظيمات الإرهابية المسلحة بتجنيد مئات الأطفال وإقامة معسكرات تدريب لهم في عدة مناطق في سورية ودفعهم إلى المشاركة في الأعمال العسكرية بعد تقديم المغريات لهم وذلك في تجاوز للقوانين والمواثيق الدولية في هذا الصدد وفي انتهاك صارخ لطفولتهم وحقوقهم الأساسية في الحياة الآمنة.
يذكر أن اتفاقية حقوق الطفل العالمية تحظر تجنيد الأطفال الاختياري أو القسري تحت سن 18 عاما في الأعمال القتالية.