د. مهدي دخل الله
بلغ سيل العدوان زُبى تحمل السوريين شعباً أبياً وذا كرامة.. ويبدو أن هناك محاولة لاختراق الخط الأحمر الأخير … والكبير.
خبر جاء كوقع الصاعقة.. صهيوني اسمه كاهانا يعمل للاستيلاء على نفط جزيرتنا السورية وتصديره. بعض الخونة وافقوا، والصهيوني ينتظر موافقة واشنطن..
أي عبث هذا، وأي استخفاف بوجودنا؟.. نحاربهم في الجنوب، فيتسربون من الشمال، نطردهم من الباب، فيأتون من النافذة..
لا يهمني هنا تحليل الخبر سياسياً، هل هو دليل على فشل الإرهاب، ما اضطر الصهاينة ليدخلوا على الخط بشكل واضح ووقح؟ أم هو مجرد عنصر في إطار الحرب النفسية التي تزداد نارها استعاراً؟.. وهو كذلك درس ليعلم الخليجيون ماذا ينتظرهم نتاج «صفقات قرنهم». هذا كله لا يهمني.. فليحلل من شاء كيف شاء. ما يهمني أن الخبر جاء صاعقةً على كل سوري لديه ذرة من كرامة وخجل..
يبدو أن شغلنا الشاغل اليوم نتائج البكالوريا والكفاءة، بينما هم ينهشون جسدنا في الشمال السوري، وجسدنا هو ذاك التراب الذي خُلقنا منه، التراب الذي يجري في عروقنا دماً ليعطينا نبض الحياة.
أي إهانة هذه؟… كيف تتحمّلها قلوبنا وعقلنا ووجداننا وكل الخلايا الحيّة فينا؟ لماذا لا نخوض المعركة من «خارج الصندوق»؟؟ هل نخشى على أمن المنطقة والعالم؟ فليذهب هذا الأمن إلى الجحيم، فلا يوجد ما هو أغلى من كرامة السوريين، الكرامة الوحيدة الباقية في هذه المنطقة، ولا يوجد أهم من دولة السوريين، الدولة الوحيدة الباقية بين أشباه الدول حولنا…
بلغ السيل الزبى!… والمسألة أصبحت من النوع «الهاملتي»: نكون أو لا نكون.. لا يحق لجيلنا أن تقول عنه الأجيال القادمة: إنه الجيل الذي استطاع الصهاينة سرقة جولانه.. ونفطه. لا يحق لجيلنا أن يقطع سلسلة تقاليد سورية، عنوانها الكرامة والاعتداد بالنفس من فجر التاريخ وحتى اليوم!…
أرجوكم أيها السوريون، فلتشغلكم نتائج البكالوريا!.. لكن أعطوا وقتاً قليلاً للتفكير برقبتكم التي تُذبح ودمكم الذي يُهدر… ولا تنسوا أنكم الأعلون في هذه المنطقة.. ولتكن هذه عنصرية، لكنها عنصرية إيجابية ووجودية.. إنها فضل المقاومين على غيرهم!..
الشعوب العظيمة تحدياتها دائماً كبيرة، فعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم.. هذه الشعوب تثبت نفسها عند المنعطفات التاريخية الكبرى، فيكون الانتصار حتماً حليفها. هذا ليس خطاباً إنشائياً، وإنما هو خطاب انتولوجي يذكّرنا بجوهر وجودنا وتقاليد تاريخنا شعباً عروبياً بامتياز.