بتقنياته العلاجية الحديثة والمتطورة، يحول مركز أمل الخاني للتوحد والاضطرابات النمائية الألم الذي يعانيه الأطفال المصابين بالتوحد إلى أمل، ويرسم الطريق أمام دمجهم في المجتمع المحيط بهم.
ويُعد “التوحد” أحد الاضطرابات التابعة لمجموعة من اضطرابات التطور المسماة باللغة الطبية اضطرابات في الطيف الذاتويّ، ويظهر غالباً في سن مبكرة لدى الأطفال (سن الرضاعة)، وقبل بلوغ الطفل سن الثالثة.
وعلى الرغم من تفاوت خطورة هذا الاضطراب بين الأطفال، إلا أن أبرز أعراض هذا النوع من الاضطرابات تظهر في تأثيرها على قدرة الطفل على الاتصال مع المحيطين به وتطوير علاقات متبادلة معهم، ويشكل التشخيص المبكر أمراً محورياً في العلاج، وهي عملية معقدة تتطلب مهارات وقدرات خاصة من القائمين عليها.
ومن صعوبة هذا التحدي تأتي أهمية مركز أمل الخاني للتوحد والاضطرابات النمائية الذي افتتحته السيدة الأولى أسماء الأسد وسط بلدة الصبورة الهادئة في ريف دمشق، ليكون ملاذاً هادئاً يناسب احتياجات الأطفال المرضى، ويمنحهم الفرصة للاستكشاف والتركيز، بالإضافة إلى تعزيز استجابتهم للعلاج والتفاعل مع البيئة المحيطة بهم.
المركز هو الأول من نوعه في سورية، ليس فقط لتوفيره الرعاية الطبية اللازمة لهذه الشريحة من الأطفال، بل لقدرته الفريدة والمتميزة على تطورهم نفسياً واجتماعياً، وتشجيعهم على التقدم في طريق التعافي.
من خلال زيارتنا إلى المركز، تعرفنا على قصة مركز أمل الخاني للتوحد والاضطرابات النمائية الملهمة، حيث يشع في المكان ضوء أمل لجميع من يحتاجونه من الأطفال، ويبث في عائلاتهم الأمل بتحول أبنائهم نحو حياة أفضل.
وتقول ندى الغبراء أمين سر جمعية الرجاء التنموية: “نحن في جمعية صندوق الرجاء التنموية أسسنا في البداية مركز عصافير الجنة للأطفال المصابين بمتلازمة داون، وبعده انطلقنا لتأسيس مركز أمل الخاني للتوحد الذي سمي باسم المغفور لها أمل الخاني رئيسة الجمعية ومؤسستها عام 1970 قبل أن يتم إشهارها عام 2004، ومؤسسة هذا المركز أيضاً، بمشاركة العديد من أصحاب الأيادي البيضاء”.
وعن مراحل التشخيص والعلاج توضح الغبراء “يأتي الطفل إلى المركز ونقوم بتشخيصه وكل طفل لديه بيانات معينة ودراسات خاصة، وبعد التشخيص نحدد المكان الذي يناسبه ونبدأ بمعالجة كل طفل حسب إمكاناته التشخيصية، ثم نعطيه التدريبات التي تهمه ليستطيع بالنهاية الاندماج بالمجتمع”.
يتميز المركز برؤية متقدة ومبتكرة لمساعدة أطفال التوحد على الشفاء، فهو يضم أحدث التقنيات العلاجية والأجهزة الحديثة، بالإضافة إلى أقسام التكامل الحسي والتحفيز العصبي والسمعي والبصري، وقسم الحجرات التفاعلية والظلام وقسم العلاج الوظيفي، حيث ينفرد كل قسم بمعالجة مشكلة من المشاكل التي يعانيها الطفل، ليصل أخيراً إلى التعلم والتكلم والاستقبال والإبداع.
وأشارت الدكتورة دعاء عثمان من مصر والتي أسهمت في تأسيس المركز إلى أن مركز أمل الخاني يضم معظم الخدمات التي يحتاجها طفل التوحد، ويتضمن أقساماً علاجية متطورة مثل حجرة التكامل الحسي متعدد الأركان لمعالجة مشكلة الحركات التكرارية والسلوك النمطي التي تعيق الطفل عن التعلم، وقسم منهجية التحفيز العصبي القائم على تقنية “Glenn doman” لمواجهة مشكلة مسارات الدماغ والجهاز العصبي”.
كما يعتمد القائمون على المركز حسب عثمان على تقنيتي “نيروفيدباك” التي تراقب نشاط الدماغ لدى لأطفال المرضى وتقدم ردود فعل فورية له، وتقنية “بيوفيدباك” التي تعد أحد الأساليب العلاجية يتعلم المريض من خلالها التحكم في وظائف جسمه الفيزيولوجية بهدف تحسين صحته الجسدية والنفسية والعقلية.
التحديات والصعوبات التي ارتبطت بمرض التوحد، لم تمنع بعض الأطفال من تحقيق إنجازات استثنائية والتواصل مع العالم الخارجي، وهو ما يسعى إليه مركز أمل الخاني ليكون أطفال التوحد في المكان الصحيح لتحقيق أسمى المبادئ الإنسانية.