كتب أيمن قحف
بعض الأصدقاء يستخدمون الميكروباص لزيارتي في بلدة خان الشيح حيث أقيم في الصيف، يصعدون الميكرو باص لمدة عشرين دقيقة ويكون عليهم تسجيل "مفصل هوياتهم" قبل الانطلاق.. معظم الناس يتنقلون بين المحافظات بالبولمان وعليهم أيضاً تسجيل هوياتهم أو (لا يمكنهم السفر)؟!.
هذه الحالة داخل سورية، أما إذا أردت أن تذهب إلى لبنان فعليك إنجاز معاملة كاملة على الحدود وانتظار قد يطول ساعة أو ساعتين أحياناً لدخول (لبنان)، وإذا أردت الذهاب إلى مصر أو الأردن هناك حاجة لجواز السفر وإجراءات الدخول الاعتيادية وتأشيرة الدخول على الحدود أو في المطار.. إذا أردت دخول دول الخليج العربي عليك الحصول على تأشيرة دخول مسبقة (كمواطن عربي)وقد لا تحصل عليها في حين يدخل الأجنبي فوراً دون إجراءات على مبدأ "كرم الضيافة العربية"..؟!
إنها خواطر دارت في ذهني وأنا أشاهد حجم المفارقة عندما كنت أتنقل الأسبوع الماضي في أوروبا، فقد دخلنا إلى مدريد بموجب فيزا "شينجن" وعندما أنجزنا العمل ركبت طائرة أخرى إلى فيينا التي دخلتها دون أية إجراءات في المطار، وفي اليوم التالي قررنا أنا وصديقي عدنان الرفاعي مدير الطيران السورية في فيينا قضاء الأمسية في جمهورية سلوفاكيا، لم يحتج الأمر سوى ركوب السيارة وخلال 40 دقيقة كنا في عاصمة أوروبية أخرى هي براتسلافا التي انضمت مؤخراً إلى الاتحاد الأوروبي، الحدود التي كانت موجودة سابقاً أزيلت وليس سوى لافتة صغيرة تبلغك أنك أصبحت في دولة أخرى..؟! ولو بقيت يومين آخرين لكنت زرت دولتين مجاورتين مع أصدقاء آخرين هما التشيك وهنغاريا لقضاء سهرة والعودة..
هكذا هي أوروبا اليوم، /27/ بلداً لكل منها لغة وقومية وثقافة وتاريخ ومصالح اتفقت على إزالة الحدود فتحققت المصالح الكبرى وترفعوا عن "الصغائر"، وأما نحن العرب ورغم ما بيننا من عوامل اللغة والدين والتاريخ المشترك والدم الواحد وما زلنا نفتش عن أسخف القضايا لنختلف عليها ولنزيد صعوبات النقل للمواطنين العرب وتعقيدات التبادل التجاري والاستثماري، وما زلنا مصرّين أننا
(الأكثر فهماً)..؟!