لعل من اهم مايميز الاقتصاد السوري هو التنوع الكبير في مكوناته ومفرداته وهو وان كان في السابق اقتصاداً زراعياً بامتياز الا انه اليوم يحوي الصناعة والتجارة والخدمات والسياحة والمصارف والنفط والخ...
ويرى كثيرون ان تنوع الاقتصاد السوري جنّبه كثيراً من الازمات التي تصيب الدول التي تعتمد اقتصاداتها على نوع واحد او اكثر في الناتج المحلي مثل النفط او الزراعة او الخدمات. مع الظروف التي تتسبب في تقلص الانتاج الزراعي نتيجة قلة الموارد المائية او تؤدي الى تراجع الانتاج الصناعي بسبب المنافسة الشديدة مع المستورد او تراجع الانتاج النفطي، لابد لسورية ان تبحث عن بدائل لتعويض بل زيادة الدخل الوطني والناتج المحلي، وباعتقادنا انه الى جانب السياحة التي تبذل جهوداً كبيرة لجعلها مصدراً رئيسياً للدخل، فان الاولوية يجب ان تعطى للموقع الجغرافي واستثماره بشكل حقيقي. وللمقارنة البسيطة فقط فان بلداً مثل هولندا مساحته نصف مساحة سورية وسكانه 18 مليوناً اصبح عاشر اقتصاد في العالم يعتمد في جزء منه على الزراعة والصناعة ولكن اهم مكوناته هي الخدمات وبشكل خاص مايأتيه من موارد وفرص عن طريق المرافئ والمطارات وبشكل خاص مطار امستردام الذي بات صلة الوصل بين الشرق والغرب ومرفأ روتردام ثالث اكبر مرفأ في العالم والذي تبلغ طاقته السنوية 406 ملايين طن «طرطوس واللاذقية طاقتهما القصوى 20 مليون طن ويحتل مساحة 10 الاف هكتار اي اكبر من دمشق بمرة ونصف. باعتقادنا ان موقع هولندا ليس الافضل ولكنها نجحت عبر تأمين المطارات والمرافئ الكبرى باستقطاب الحركة وتنشيط اقتصادها، بينما موقع سورية الجغرافي في قلب العالم القديم يؤهلها لتكون مركز ربط الشرق بالغرب بمختلف وسائط النقل. مع اهمية التنوع في الاقتصاد إلا اننا نعتقد ان الاصرار على صناعة السيارات وقضبان الحديد وتلفزيون سيرونيكس بكلف اعلى بكثير من المستورد يجعلنا نضع مواردنا في استثمارات ذات عائد اقل وربما غير مجدٍ.
نحتاج لضخ استثمارت كبرى في المطارات والمرافئ والسكك الحديدية والاتوسترادات السريعة. نحتاج مرافئ بطاقة 100 مليون طن تستقبل سفناً بطاقة 100 الف طن ونحتاج مطاراً يستقبل 25 مليون راكب وليس ثلاثة ملايين راكب ونحتاج سككاً حديدية عريضة وطرقاً سريعة. ومع توفر بيئة استثمارية جاذبة ومعاملة حسنة ستكون الخدمات هي مصدر الدخل الاول لسورية، وسيكون لدينا عائد ينشط جميع مناحي الحياة بل يزيد عما تقدمه القطاعات الاخرى مجتمعة.. ونحن نتحدى اي دولة ان يكون موقعها افضل منا.