كتب:أيمن قحف
في طريقي إلى بيروت صباح الجمعة شعرت بالقلق لأن سيارتي توشك أن تفرغ من الوقود،الكازيات مغلقة أو مزدحمة،أنقذني شاب يبيع البنزين بالغالون،دفعت ثمن "التنكة"2800 ليرة وتابعت طريقي..
في لبنان دفعت حوالي أربعة آلاف ليرة ثمن "تنكة أخرى"ذهاباً،وفي طريق العودة علمت برفع سعر البنزين إلى مائة ليرة،خشية أن "أنقطع"مررت بآخر محطة قبل الحدود في طريق العودة ودفعت ما يقارب أربعة آلاف ليرة إضافية ..
تلقيت ردات الفعل الغاضبة على القرار،وأنا سأتضرر كثيراً كوني "كثير الحركة والأسفار" ولكن تركت للعقل والمنطق أن يصوغا موقفي من الأمر..
في المساء اتصلوا بي من إذاعة شام إف إم يريدون رأيي بالأمر في مقابلة على الهواء،قلت لهم أنه من الأفضل أن يتحدثوا إلى الحكومة،وبكل الأحوال أبلغتهم أنني سأدافع عن قرار الحكومة!!!
اتصلت بالمهندس سليمان العباس وزير النفط،تحدثنا مطولاً بالأمر وشرح لي الأسباب،لت له:لماذا لا تتحدثون إلى الإعلام؟
قال لي:يمكنك أن تنشر كل كلمة قلتها لك:لا شيء نخجل منه!!
رجوت السيد الوزير أن يشرح بالتفصيل عبر شام إف إم الموضوع،استجاب وهذا ما حصل..
البعض أراد من الوزير أن يلقي خطباً رنانة،لكنه تحدث بشكل منطقي وهادئ وعاقل،البعض يفضل الحديث العاطفي،لكن وزير النفط فضل لغة العقل..
بكل الأحوال فإن أبرز ما قاله لي السيد الوزير ،وللإذاعة،أن القرار اتخذ في مجلس الوزراء بناء على مقترح لجنة إعادة توزيع الدعم،وهو لا يشكل تراجعاً عن سياسة الدعم الذي تؤكد الأرقام الرسمية أنه زاد ولم ينقص في الفترة الأخيرة!!
الوزير قال أن تكلفة لتر البنزين حوالي 150 ليرة، أي أن الدعم ما زال 50 ليرة للتر، والمازوت مدعوم بحوالي 120 ليرة فالفارق ما بين السعر الرسمي 60 ليرة و180 ليرة هو الكلفة الفعلية شاسع جداً..كذلك يبلغ دعم جرة الغاز 500 ليرة..
تبلغ كمية الوفر من القرار حوالي 36 مليار ليرة وهي ستساهم في تأمين الرواتب للعاملين في الدولة والخدمات العامة التي يجتاجها المواطن.
والأمر المؤكد أن الدولة تدعم حاليا البنزين، بينما لم يكن يعتبر مادة مدعومة قبل الازمة، حيث كان سعر اللتر 40ليرة سورية، وتكلفته حوالي37 ليرة سورية
الوزير استبعد زيادة سعر المازوت لأنه يؤثر على كل الشعب السوري بينما البنزين يؤثر على فئة محددة أكثر قدرة على التحمل والمساهمة في تحمل أعباء الأزمة بالتشارك مع الدولة..
المهندس العباس لفت إلى أن موارد الخزينة تراجعت بصورة كبيرة نتيجة الأزمة، ولا أحد يلتزم بدفع الضرائب والقروض والفوائد، والانتاج تراجع وانتاج النفط في الحدود الدنيا فمن أين ستأتي الدولة بالموارد؟ مع التأكيد على أن الدولة ما زالت تدفع الرواتب حتى لمن لا يتمكنون من الدوام بسبب الظروف وتؤمن جميع الخدمات للمواطنين..
وحول "السرية" في اتخاذ القرار أكد الوزير أنه لم يكن سرياً و مر بمراحل متعددة وأعلن مساء الجمعة لحصر المخازين وتجنب أي تلاعب..
ولعل أهم خلاصة في حديث وزير النفط أنه ربط أي "تعويم" لأسعار المشتقات النفطية باستكمال سياسة إعادة توزيع الدعم ليصل إلى مستحقيه.