دمشق- سيريانديز
تجاوز إجمالي ما استوردته المنظمات الدولية من مساعدات إنسانية وغذائية إلى سورية مبلغ 973.3 مليون دولار، وذلك من بداية العام 2014 وحتى نهاية الربع الثالث للعام الماضي 2015، حيث قامت 13 منظمة دولية باستيراد مواد إغاثية بقيمة تزيد على 660 مليون دولار خلال العام 2014، وبأكثر من 313.2 مليون دولار حتى نهاية الربع الثالث من عام 2015، علماً بأن 70% مما تستورده هذه المنظمات يمكن إنتاجه محلياً بدلاً من استيراده.
وفي التفاصيل حسبما ذكر تقرير لوزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية (حصلت «الوطن» على نسخة منه) فإن المنظمات الدولية التي استوردت لسورية في الفترة المذكورة هي برنامج الأغذية العالمي الذي جاء في المرتبة الأولى بأكبر المستوردين ومن ثم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، ومنظمة الهلال الأحمر، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة، ومنظمة الصحة العالمية، ومن ثم الأونروا، يليها صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والمنظمة الدولية للهجرة، ومنظمة الفاو، وأخيراً جاءت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، والبرنامج الياباني للمشاريع كأقل المستوردين حسب الأرقام.
وكان لافتاً أن المواد والسلع التي تنتج محلياً ويتم استيرادها تشكل 70% من قيمة ما تم استيراده من قبل تلك المنظمات، حيث تم استيراد 30 صنفاً يمكن إنتاجه محلياً بقيمة تزيد على 479.7 مليون دولار من أصل 50 صنفاً خلال العام 2014، وحتى نهاية الربع الثالث من العام 2015، تم استيراد 22 صنفاً يمكن إنتاجه محلياً من أصل 41 بقيمة تزيد على 221.6 مليون دولار.
ملّح وعاجل
وبينّ وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية همام الجزائري أنه في إطار تعظيم المنفعة من عمل المنظمات الدولية الناشطة في المجال الإغاثي، تظهر ضرورة ملحة وعاجلة تتطلبها المرحلة الحالية نحو تطوير إستراتيجيات وسياسات دعم وتنمية الإنتاج المحلي، وهذا لا ينطلق فقط من تقديم المنظمات الدولية السلة الإغاثية (التي تتضمن العديد من السلع والبضائع التي تتوفر في السوق المحلية) أو تأمين القطاع العام والفعاليات الاقتصادية مستلزمات القطاع الإنتاجي ولكن أيضاً يستلزم توفير إطار تنموي يستهدف زيادة الإنتاج المحلي ومعدلات التشغيل والعمل على نقل مراكز الإيواء وأماكن نشاط المنظمات الدولية من مراكز ومناطق استهلاكية إلى أماكن ومراكز إنتاجية تستهدف تأمين شبكة أمان اجتماعي للأفراد الذين اضطروا إلى التنقل من أماكنهم في المناطق الساخنة إلى مراكز الإيواء والمناطق الآمنة.
لافتاً إلى ضرورة تفعيل البعد التنموي للمنظمات الدولية العاملة على أراضي الجمهورية العربية السورية وتعزيز مساهمتها في تمكين مقومات الاقتصاد الوطني تحت مظلة الهيئة العليا للإغاثة، فالبضائع التي يتم توريدها عبر المنظمات الدولية والإغاثية، وبموجب أحكام التجارة الخارجية يتم إعفاؤها من قبل الهيئات السياسية والقنصلية والدولية ودوائر الأمم المتحدة وأعضائها من شرط الحصول على إجازة الاستيراد المسبقة. كذلك يتم إعفاء الهدايا ووسائل الدعاية والنماذج الواردة من دون قيمة تجارية مهما بلغت قيمتها التصديرية وإعفاء تلك المستوردات من أحكام الحصر والمنع والقيد وأنظمة القطع الأجنبي.
الصناعة تتضرر
وهنا يوضح وزير الاقتصاد بأن المنظمات الدولية تستجر كميات من مكونات سلة المساعدات الإنسانية والإنمائية من المنتجات التي يتم إنتاجها محلياً وهذا يسبب ضرراً كبيراً للصناعة الوطنية، خاصةً وأن نسباً متفاوتة من هذه المساعدات (السلة الغذائية) تتسرب للبيع التجاري في الأسواق (كمورد إضافي للدخل الأسري)، بالتالي فإن ضرورة إعادة توجيه الآلية التي تعمل بموجبها المنظمات الدولية تتطلب، تفعيل برامج الشراء من المنتجين المحليين للمواد الإغاثية والإنسانية من قبل المنظمات الدولية بالتنسيق بين وزارة الخارجية والمغتربين وهيئة التخطيط والتعاون الدولي والهيئة العليا للإغاثة لتفعيل الإنتاج المحلي وتطويره ليلائم متطلبات التوريد للأغراض الإنمائية والتوسع في التشغيل المحلي وزيادة القدرة على الإنتاج. ويمكن للمنظمات الدولية أن تشترط قيام المنتجين المحليين بتشغيل عدد من المواطنين المتضررين في مراكز الإيواء للحصول على حق التوريد.
كما يجب في حال الاستمرار بمنح موافقات للمنظمات الدولية للإغاثة لاستيراد مكونات السلل الإغاثية والإنسانية جعلها مشروطة باستجرار نسبة محددة من الكمية التي يتم توزيعها على المتضررين السوريين من منتجات المصانع المحلية، وإعطاء الأولوية في الإعلان عن مناقصات توريد مكونات المساعدات الإغاثية والإنسانية للمناقصات الداخلية وبما يحقق مصلحة الإنتاج الوطني.
بالمثال
وهنا يذكر وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية مثالاً عن قيام المنظمات الدولية العاملة في المجال الإغاثي والتنموي باستيراد ما يقارب 11 مليون يورو من الألبسة وتوابعها من أصل ما يقارب 13 مليون يورو، لغاية الربع الثالث من العام 2015، بما يشكل أكثر من 80% من مجموع ما تم استيراده إلى سورية من الألبسة وتوابعها خلال العام 2015، رغم أن وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية بالتعاون مع الفعاليات الاقتصادية وبما يستهدف حماية الإنتاج المحلي وتطوير معدلات التشغيل في هذا القطاع، طورت العديد من الإجراءات للحد من استيراد الألبسة وتوابعها على اعتبارها مادة يتم إنتاجها محلياً ويتم تصديرها إلى أسواق عدة، علماً بأن النسبة الأكبر من المستوردات هي من البطانيات والبياضات والألبسة الجاهزة التي يمكن استجرارها محلياً.