دمشق- سيريانديز
أوصت دراسة أعدتها «هيئة تنمية وترويح الصادرات» قبل تحويلها إلى هيئة دعم وتنمية الإنتاج المحلي والصادرات حول التبادل التجاري بين سورية وروسيا
بين 2010-2015 بضرورة التركيز على المنتجات التي تمتلك سورية فيها ميزة نسبية وتنافسية وتقديم الدعم لها مع وضع معايير محددة كدرجة التنافسية وطبيعتها وحصص السوق وتطورها وطبيعة السلعة وغيرها لتتمكن من الدخول إلى السوق الروسية وخاصة أنها سوق كبير وديناميكي.
وطالبت الدراسة بإنشاء خط نقل بحري يربط مرفئي اللاذقية وطرطوس بموانئ روسيا للمساهمة بتنمية الصادرات خاصة الزراعية إليها مع الاستفادة من تجربة الكورديدور الأخضر الذي تم تنفيذه بين مصر والاتحاد الأوروبي، وإحداث قرية للصادرات في المنطقة الساحلية لتكون مجمعاً متكاملاً خدمياً صناعياً تجارياً بغية تشجيع بيئة الأعمال الخاصة بالعمل التصديري من خلال تبسيط الإجراءات وتقديم كل التسهيلات اللازمة من ناحية البنية التحتية والخدمات اللوجستية وتطبيق أساليب إدارية حديثة.
وأشارت الدراسة إلى ضرورة إحداث البيت السوري للتصدير إلى روسيا، ما يتطلب تحديد التقديرات الخاصة بها بناء على المنتجات التي تتخصص فيها والراغبة سورية في تصديرها، وهذا يتطلب تسهيلات تخزين ملائمة تمنع التلف أو قد تحتاج نظام نقل يكفل سرعة نقل السلع القابلة للتلف، وفي حال المنتجات ذات القيمة المضافة المرتفعة قد يكون التأمين ضد السرقة أو التلف من الاعتبارات الأساسية الجديرة بالدراسة، أما منتجات النسيج نصف المجهزة المقرر اتمام صنعها في أماكن أخرى، فيجب التركيز على كفاءة التوريد المستمر والجودة المضمونة، وهذا يتوقف إلى حد كبير على طبيعة المنتجات التي سوف يتم تصديرها، إضافة إلى دراسة إمكانية إقامة منشآت للتجميع النهائي أو اتمام التصنيع في السوق المستهدفة كوسيلة لإقامة شراكات محلية واختراق السوق الروسي.
خلال الحرب
قبل تقديم هيئة تنمية الصادرات توصياتها لتطوير التبادل التجاري بين سورية وروسيا كشفت دراستها أن الصادرات السورية إلى السوق الروسية ارتفعت خلال فترة الحرب «2011-2015» حيث وصلت إلى 1,75% من إجمالي صادراتنا، بينما كانت منخفضة نوعاً ما في عام 2010 لتبلغ فقط 0,49% من إجمالي الصادرات السورية، كما لاحظت الدراسة ارتفاع الميل المتوسط للاستيراد من روسيا ليصل عام 2010 إلى 70,4% ليبلغ 76% عام 2011 بسبب نمو الاستيراد بمعدل يتجاوز معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي، لكن هذه النسبة انخفضت لتصل إلى 66,2 % مع استمراره في الانخفاض عام 2013 ليصل إلى إجمالي قيمة الناتج المحلي الإجمالي بسبب انخفاض الطلب الداخلي, في حين شهدت هذه النسبة تحسناً طفيفاً في مؤشر الميل للاستيراد من روسيا عامي 2014-2015 ليصل 52% عام 2015 وبمعدل نمو 3,2% عن عام 2013 ويعود ذلك إلى الخطوات الجادة التي قامت بها الحكومة لتحسين التبادل التجاري بين البلدين، كما أكدت الدراسة أن ربحية الاقتصاد الوطني من التجارة الخارجية شهدت تحسناً في الفترة ذاتها مقارنة بـ2013 بمقدار 121% على الرغم من التراجع في حجم الصادرات خلال تلك الفترة.
التبادل التجاري لمصلحة سورية
لفتت الدراسة إلى أن شروط التبادل التجاري خلال فترة 2012-2015 كانت لمصلحة سورية مفسرة ذلك أن سورية تستطيع الحصول على كمية أكبر من المستوردات من روسيا لقاء الكمية نفسها من الصادرات إلى روسيا، فمثلاً يلحظ حصول ارتفاع في قيمة طن الصادرات السورية إلى روسيا لتصل أعلى قيمة له عام 2015 بـ226,6 ألف ليرة سورية بينما قيمة طن المستورد من روسيا كان98,7 ألف ليرة، أي إن هناك ربحاً من التجارة الخارجية في روسيا، ويفسر ذلك أن القيمة المضافة التي تحققها الصادرات السورية مرتفعة مقارنة بالقيمة المضافة المستوردة لكن بسبب انخفاض حجم الصادرات السورية والعجز الكبير في الميزان التجاري مع سورية فإن هذا الربح قد تحول إلى سالب.
التحسن بدأ عام 2014
وذكرت دراسة هيئة الصادرات حصول تراجع في التجارة بين البلدين خلال الفترة بين 2012-2014، إذ انخفض معدل نمو التجارة بنسبة 66% عام 2012 عن سابقه ليستمر في الانخفاض عام 2013 بنسبة 48,4% ثم يعود للارتفاع خلال عام 2014 محققاً معدل نمو وصل إلى 23,4% وذلك بسبب انخفاض الطلب المحلي بسبب الأزمة وغيرها لكن عام 2015 شهد التبادل التجاري تحسناً وبمعدل نمو بلغ حوالي 91,6٪ عن عام 2014 مع الإشارة إلى وجود فرص لزيادة معدل نمو الصادرات السورية إلى روسيا، وهو ما يبينه مؤشر التكامل التجاري لكن يجب تحديد المنتجات ذات الميزة النسبية والقادرة على دخول الأسواق الروسية ثم التركيز عليها.
فرص ضائعة وإمكانية التكامل
أشارت الدراسة إلى وجود انخفاض في التوافق التجاري في الهيكل السلعي لصادرات سورية مع الهيكل السلعي لمستوردات روسية، ما يؤكد ضرورة التركيز فقط على المنتجات ذات الميزة النسبية والتنافسية وتقديم الدعم لها لتتمكن من الدخول إلى السوق الروسي، وخاصة أنها سوق كبيرة وديناميكية، وهنا تجدر الإشارة إلى أن انخفاض قيمة هذا المؤشر لا يعدّ مؤشراً على عدم قدرة الصادرات السورية من اختراق السوق الروسية، لأن المستوردات الروسية متنوعة والصادرات السورية لا تستطيع تغذيتها إلا من خلال القسم الزراعي وبعض المنتجات الصناعية الخفيفة.
وأوضحت الدراسة أن البيانات تؤكد وجود إمكانية للتوسع في التبادل التجاري مع روسيا وصولاً إلى التكامل، حيث تبين المؤشرات تقابل الهيكل السلعي للصادرات السورية مع قسم من الهيكل السلعي لمستوردات روسيا والعكس، وبمقارنة ذلك مع حجم التبادل التجاري نرى أنه أقل بكثير من الطموح وهناك فرص ضائعة يمكن استغلالها.
جهود متبادلة
تشير البيانات حسب دراسة هيئة تنمية وترويج الصادرات إلى تحسن الأهمية النسبية للسوق الروسية بالنسبة للصادرات السورية، وقد بدا ذلك واضحاً خلال عام 2015 بعد أن بلغ معدل نمو الصادرات حوالي 33,3% عن عام 2014.
ولفتت الدراسة إلى أن الدول المنافسة لسورية في السوق الروسية هي الصين بقيمة صادرات وصلت إلى 53,2 مليار دولار, تليها ألمانيا ثم أميركا في حين تحتل سورية المركز 109 بين دول العالم المصدرة إلى روسيا الاتحادية.
أما فيما يخص أهمية روسيا للمستوردات في سورية، فالبيانات تبين تحسناً في الأهمية النسبية للمستوردات السورية من روسيا خلال عام 2015 بعد بلوغها حوالي 29,8% وذلك بسبب تحسن الطلب المحلي بشكل عام، إضافة إلى الجهود التي بذلتها الحكومة في كلا البلدين لتحسين التبادل التجاري وزيادة معدلاته.
4 سلع بميزات تنافسية
بينت الدراسة وجود أربع سلع ذات ميزة تنافسية زاد الطلب عليها في السوق الروسية وهي «المشمس والكرز والخوج والحمضيات الطازجة والمجففة وأنابيب التدخين والألبسة الداخلية الرجالي»، حيث تأتي روسيا في المرتبة الأولى بين دول العالم في استيراد المشمش والكرز والخوخ من سورية بقيمة واردات 7,196 آلاف دولار بنسبة 39,3 % من صادرات سورية من هذا البند، كما أن سورية تحتل المرتبة 14 عالمياً في السوق الروسية في تصدير المشمش والكرز والخوخ والمرتبة الأولى في كل من الأردن ولبنان وتركيا، أما الحمضيات الطازجة أو المجففة فتأتي سورية في المرتبة 27 بين دول العالم في تصدير الحمضيات الطازجة والمجففة وتحتل المرتبة التاسعة في السوق الروسية في تصدير الحمضيات، كما تأتي الأردن في المرتبة الأولى بين دول العالم في استيراد الحمضيات الطازجة أو المجففة من سورية بقيمة 6,319 آلاف دولار وبنسبة 68,1% من الصادرات السورية تليها روسيا بنسبة 18,1%.
وفيما يخص أنابيب التدخين تأتي سورية في المرتبة 19 بين دول العالم في تصدير أنابيب التدخين بما في ذلك أنابيب الطاسات والسيجار، وتحتل سورية المرتبة الثالثة في السوق الروسية بقيمة 473 ألف دولار وبنسبة 40,5 % من إجمالي الصادرات السورية من هذا البند، بينما تحتل سورية المرتبة 44 عالمياً في السوق الروسية في تصدير الألبسة الداخلية الرجالية وبنسبة 36,8% من إجمالي الصادرات من هذا البند علماً بأن روسيا تطبق تعرفة جمركية 10 % على الصادرات السورية من هذا البند.