دمشق- سيريانديز
من دون تحمل عناء الحساب نستطيع القول إن حليب الطفل الذي لا يتجاوز عمره ستة أشهر بات يكلف الأسرة ما يزيد على 12000 ليرة شهرياً، هذا ولم نتحدث عن مستلزمات أخرى لا يمكن الاستغناء عنها ولاسيما الفوط التي تجاوز سعر الكيس المغلف منها ومن ماركات معروفة أكثر من 1500 ليرة لعدد لا يتجاوز 12 فوطة.. وإذا ضرب رب الأسرة من ذوي الدخل المحدود أخماساً بأسداس باحثاً عن نوع أقل, ولو على حساب الجودة يصل بعد عناء التفكير إلى دفع نحو 5000 ليرة شهرياً كحد أدنى لجهة استهلاك الفوط , و بحسبة بسيطة جدا يمكن القول أن الأسرة تحتاج إلى 17000 ليرة شهرياً كحد أدنى لتلبية حاجة طفل واحد من الحليب و الفوط و بالعودة إلى راتب موظف متوسط دخله 25000 ليرة و إجراء عملية حساب بسيطة يتبين أنه لا يبقى من راتب الموظف سوى 8000 ليرة فقط!!.. أي إن الفوط والحليب استهلكت أكثر من 65% من دخل الموظف الذي راتبه 25 ألف ليرة شهرياً.. ناهيك بمستلزمات أخرى من لباس و كشفية أطباء و أدوية , في حين تصل تكلفة الطفل الذي فاق عمره 6 أشهر وأخذ يشرب أرخص أنواع الحليب إلى 8700 ليرة شهرياً، أي نحو ثلث راتب الموظف، هذا بالطبع لمن لديه طفل واحد فكيف لمن لديه طفلان.؟!
سبب الغلاء
تعليقاً على ما سبق أوضح باسل صالح مدير الأسعار في وزارة التجارة الداخلية و حماية المستهلك أن الأسرة التي لديها أطفال رضع تعاني الأمرين من ارتفاع أسعار مستلزمات الأطفال ولاسيما الفوط والحليب, وعزا صالح ارتفاع الأسعار إلى تذبذب سعر صرف الدولار ناهيك بتعرض معامل إحدى الشركات السورية الرائدة والمعروفة ضمن هذا المجال للحرق والتخريب من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة الأمر الذي اضطرنا للاستيراد من الخارج، وهو ما رتب تكاليف إضافية أدت إلى زيادة في أسعار منتجاتها. وأضاف صالح أن أسعار الحليب التي يستخدمها الطفل دون عمر 6 أشهر يتم تسعيرها عبر وزارة الصحة، أما بقية أنواع الحليب فإن أسعارها تخضع لوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، مضيفاً أن كل أنواع حليب الأطفال في أسواقنا المحلية مستوردة وأسعارها طبعا تتعرض لتذبذب سعر الصرف. مشيراً إلى أن حليب البودرة مستورد لذا فإنه يخضع لآلية تسعير تحددها لجنة من وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك, وهذه الآلية تعتمد على معايير عديدة منها تقييم تمويل المستوردات وبنود التكلفة, بينما فوط الأطفال المحلية الصنع تخضع إلى تسعير مكاني وفقا لمديريات التجارة الداخلية في المحافظات وذلك يعني مراعاة ظروف الإنتاج والتكلفة الإنتاجية ناهيك بأن جزءاً من المواد الأولية للمنتجات المحلية الصنع من حليب وفوط يتم استيراده من الخارج أيضا و هذا يزيد من السعر, في المقابل فإن حليب الأطفال مدعوم من الدولة وهناك جهود حثيثة لدعم المنتج الوطني والاقتصار على استيراد المواد الخام فقط بما لا يضر بمسألة الجودة وفق الحدود المنطقية.
آلية التسعير
ولاستكمال جوانب الموضوع بين مصدر في وزارة الصحة لـ «تشرين» أن الوزارة تقوم بتسعير حليب أطفال الرضع فقط وحتى السنة الأولى من عمر الطفل ولا علاقة لها بتسعير حليب الأطفال كامل الدسم, حيث إن تسعير حليب الأطفال يتم من خلال لجنة تابعة لوزارة الصحة بالتعاون مع وزارة الاقتصاد ثم يقوم البنك المركزي بتمويل استيراد المواد الأولية اللازمة للصناعات الدوائية والأدوية الجاهزة التي لا يوجد منها تصنيع محلي, وأيضاً حليب الأطفال بغية عدم ازدياد أسعار هذه المواد ولتبقى تكلفة تصنيع الأدوية واستيرادها بما فيها استيراد حليب الأطفال ضمن الحدود المقبولة للمواطن.
وعن آلية التسعير أشار المصدر إلى أن الوزارة تتبع سياسة تغيير مدد التسعير بين الفينة والأخرى نظراً لتغير أسعار صرف الدولار بغية ضبط السعر ضمن الحدود المنطقية, ودعا المصدر من لديهم أي شكاوى تتعلق بموضوع حليب الأطفال إلى التقدم بها إلى مديرية الرقابة الدوائية في وزارة الصحة لكي تتم معالجتها والبحث فيها.
النتيجة واحدة
ربما كانت الردود منطقية لكن في النهاية النتيجة واحدة والمواطن يريد حلاً فاعلاً سواء لجهة ارتفاع الأسعار أو لمسألة ضبطها والرقابة عليها, فكثير من الباعة يتحكمون بالسعر حسبما تشتهي أنفسهم ضاربين بالصك السعري لكل منتج عرض الحائط, والدليل التباين في الأسعار بين المحلات المتجاورة و حتى الصيدليات التي تبيع حليب الأطفال والفوط, وعند سؤال الجهة المعنية عن هذا الموضوع يأتي الجواب: إننا موجودون في السوق ونعتمد على مبدأ الشكوى والشك, وأمام هذا الواقع على كل مواطن يشعر بأنه مغدور بالسعر أن يتقدم بالشكوى متحمّلاً أعباء الإجراءات الروتينية لوصول الشكوى وعلاجها وربما هذا من أهم أسباب قلة الشكاوى المتعلقة بالأسعار أو بالأحرى فقدان الثقة بمبدأ الشكوى إما من باب عدم الضرر وإما عملاً بالمثل المشهور «الباب يلي بدو يجيك منو ريح سدو واستريح».