سيريانديز - طرطوس – سعاد سليمان
يقول الرجل صاحب الشكوى : الناس .. هذه الايام , في الشمال السوري يهربون من بطش داعش الارهابي ويطلبون اللجوء الانساني ..
من يصدق أنني قررت الهرب من بطش أخي ومن تعاطف الجهات المختصة في منطقتنا معه .
مدير الناحية يقف مع الظالم ويتهم المظلوم .. وتقوم عناصره وشرطة المخفر بما أوتوا من قوة بتفريغ غضبهم , وممارسة سلطتهم علي وأنا المواطن الذي جاء ليستجير بهم .. ففي غمضة عين يتحول المستجير إلى جائر .. لماذا ؟!!
ببساطة لأن المشتكى عليه شرطي , استطاع ترتيب أوراقه مع مدير الناحية , وأخذ البطاقة البيضاء للتصرف كيفما يشاء , فعرف أن كل شكوى ترد , وهي تئن من ظلمه مصيرها سلة المهملات .
هكذا يفاخر الشرطي – أخي – وهو يضحك , بصوته المرتفع , لا يهمه غضب أبيه ولا حزن أخيه .
تعود بنا الحكاية إلى قصة الانسان على سطح الارض ..هنا .. قابيل وهابيل يتخاصمان من أجل قطعة أرض , وحتى لا يقتل قابيل هابيل , يحاول الأول اللجوء إلى المخفر , يشتكي على أخيه الشرطي في الحياة , المتمرد , الطاغية – كما تقول الشكوى – التي قدمها المشتكي أ – و ببداية : بسم الله الرحمن الرحيم .. وفيها يشرح مشكلته مع أخيه وكيف بدأت حين قام الوالد بتوزيع أملاكه على أولاده لينام مطمئنا ...
ولأن الشرطي لا يقبل لأخيه أن يكون أفضل منه ولو بصنبور ماء , ولأنه اعتاد أن يأخذ ولا يعطي , وأن يفرض سطوته عبر سلطته , رفض أن يرث أخاه كما يرث هو .. كيف لا وهو شرطي المرور المعروف في كل المنطقة , وشقيقه ممرض في مشفى .. مجرد ممرض .
الأخ المسكين – كما يبدو – جاء يستنجد بالصحافة , بعد أن فشلت محاولاته هناك في مخفر القرية وفي الناحية وعند مديرها الذي هدد المشتكي وقدمت عناصره صورة بائسة لرجال يستقوون ويستعرضون هاماتهم أمام المتضرر المسكين .. الذي تحول إلى مجرم يقاضي أخاه !!!!
المهم .. حاولت إيصال صوته المبحوح عبر الاستعانة بصديق .. وكانت النتيجة جيدة ولله الحمد ..
عند المساء جاءني صوته المبحوح المتعب عبر أسلاك الهاتف يشكرني ويشكر الجهات المعنية في مدينة طرطوس التي ساعدته , حيث قامت الجهات المختصة بتهديد دوائرها الرسمية هناك في الريف بإنذار هاتفي يتبعه الانذار الرسمي فيما لو .. والمطالبة بتطبيق القانون .. حيث الكل سواسية كأسنان مشط الزمن النظيف ومعاقبة الظالم وأتباعه ومن شد على أيديهم .. والاهم إيقاف الظلم عند حدود الانسانية لا الأخوة .. وهو مطلب الشاكي ... وكي لا يبحث عن مكان لهجرة داخلية أو خارجية .. فلا يجد حضناً ولا أرضاً كما يملك ..و لا يعاني من الفقر وهو الغني .. فقد ازدحمت الاماكن .. ولم يبق مكان !!