سيريانديز-مكتب اللاذقية- رشا ريّا
لا مكان لصباحات أنيقة يستيقظ فيها السوريون على مهل, لو تركوا لهم صباحات كتلك, كانوا تثائبوا وعادوا لفراشهم, وربما نهضوا على مضض متذمرين من امتحانات الجامعة, أو مارسوا الرياضة الصباحية على الشاطئ في الساحل, ,ولأحاطوا أبنائهم الذاهبين إلى امتحانات الشهادة الإعدادية بآيات من شغاف القلب, ولكن..
صباحاً.. تشير عقارب ساعة الوطن إلى التاسعة وحفنة من الدماء, الإرهاب يضرب بالقرب من مطار حميميم حيث طائرات السوخوي الأحدث في العالم , حالة ذعر, و إرباك, ولا معلومات دقيقة, لكنَّ المؤكد أن "جبلة" ستتصدر العناوين الدامية لهذا اليوم.
نصف ساعة يحتاج الطريق من جبلة إلى طرطوس, ذات الوقت احتاجه الإرهاب للوصول, شاركت طرطوس جبلة فاجعتها تماماً كما شاركتها التضحية بأبناءها شهداءً على مذبح الوطن, فتقاسمت المدينتان آخر الأخبار.
استهدف الإرهاب "كراجات الفقراء" في المدينتين, والضحايا بعضهم أطفال ، ذهبوا طالبين الشهادة الإعدادية فمضوا بشهادة إلهية, منهم طفلٌ كان ينتظر قريبه ليقلّه لأنه لا يملك سعر تذكرة الحافلة, ومنهم شبانٌ في مقتبل العمر ذهبوا ليسعفوا الجرحى فأضحوا جرحى بحاجةٍ لمن يسعفهم بعد توالي التفجيرات.
آخرون وجدوا أنفسهم بالصدفة حيث يجب أن يكونوا, ذاك شابٌ متطوع في الهلال الأحمر شاءت الأقدار أن يكون قريباً من إحدى التفجيرات ليقذفه عصف التفجير لأمتار عدّة فتأتيه مكالمةٌ تقول : (أسعف الجرحى), يحمل يده الجريحة علّه يكون سبباً في إنقاذ أمّ كانت تنتظر ابنها لينهي امتحانه, لكنها تسرع في الرحيل على أعتاب حلم ابنها الصغير.
ظهراً.. مضت ساعات عدّة على الفاجعة, ولأن المصائب لا تأتي فرادى, وبعد استهداف قسم الإسعاف في المشفى الوطني بجبلة إلى حيث نقل جرحى الإعتداءات الأولى, بدأت رحلة أهالي الضحايا للبحث عن أبناءهم جرحى كانوا أو شهداء في مشافي اللاذقية وبانياس.
عصراً.. شوارع اللاذقية يسودها الإرتياب, يتنهد البعض براحةٍ لأن هذا اليوم حتى الساعة على الأقل "مرق على خير", بينما سينتظر أخرون أيام عدّة ليتنفسوا الصعداء.
التاريخ23/ أيار/ مايو.. الأيام الماضية كانت حارّة, حضر الموت فحضر المطر, قد نقبل كبشرٍ بالظلم أحياناً لكن الكون لا يفعل, فكيف للغةٍ على الأرض أن تتسع مقدار اتساع جراحنا لتوصّف المشهد؟, ربما بات يجب إسدال الستارة فقد طالت هذه التراجيديا, واستنزفت الممثلين والحضور بما فيه الكفاية.