سيريانديز-مكتب اللاذقية-ياسر حيدر
على امتداد هذه الارض هامات سيجت بدمائها حدود السيادة ، وضحّت بريعان شبابها لتستدرك أقصر طرق الخلود الأبدي, مقدسةً تراباً تعشّقَ برائحة الشهادة, ففي كل بيت حكاية ولكل زاوية فيه حنين لمقتطفاتٍ من عُمرٍ مضى مسرعاً تاركاً خلفه ثكالى صابرات متحديات جرحِ قدرٍ أثقل كاهلهن .
أيام الصبا الجميلة وصباحات النسيم البارد المطل على الوادي الفسيح والمروج ذات المدى اللامتناهي, ذكريات جلساتٍ عائلية استمدت رونقها من ضحكات الشباب وغندرة الصبايا في أروقة المنازل وعلى قارعة تلك الطريق المؤدية الى ساحة العشق العذري, كان للفرح واللهو متسعاً بينما تنشد السنونو سمفونيتها المعتادة متراقصة بخيلاء على أسلاك الكهرباء.
من أمانٍ وسلم تربع عرش سوريتنا الى إرهاب وقتل فتك بأهلها وأرضها مستبيحاً دمائها القانية لتروي ظمأ سنين حرب قائمة ولتعيث قهراً في قلوب الأمهات, مجبرةً ركائزها للنزوح تحت وطأة الجوع والعوز.
بخطىً متثاقلة وأحاسيس تكاد تكون ميتة يزفُّ الشبّان أخوتهم وأصدقاء الطفولة الزفة الأخيرة الى عروستهم الأبية, مع أهازيج المحبوبات المحترقة في الحناجر وغمرةٍ بجيش من ألم الفراق وفطرة القلوب وهجرة للمشاعر نحو قدر محتوم, فهذا هو المكتوب وأين المفر؟
لازلنا حتى اليوم تعصف بذاكرتنا حكايات البطولات الغابرة مستحضرة قصص الحاضر الأليم ليستكمل المستقبل بذكرى رفاقٍ شهداء أبطال ضحوا بحياتهم كرمى قداسة سورية.