سيريانديز- مكتب اللاذقية- رشا ريّا
في شوارع كئيبة, حزينة, تكاد تبدو خالية, يهمس صوت ثم ما يلبث أن يدندن بخجل بعض الشيء, يرقص قلبك فرحاً إنها الموسيقى, تلتفت لترى الناس يمضون خلف الفرح هذا بعيداً عن الرصاص واللون الأحمر الذي غطى المدينة والمدن المجاورة منذ أيام قليلة.
شارع تملؤه الألوان والياسمين كما اسمه, فريق قطرات ملونة مع نادي حكايا الفن اختاروا (شارع الياسمين) مكاناً لفرح ولو كان مؤقتاً، عاد الشارع ومن فيه أطفالاً بفضل رسومات أولاد تستهدف أَسر الحرب في لوحة طفولية علّها تبتعد عن الوطن والأهل, انتشرت الآلات الموسيقية على الرصيف فيحق لكل من يزال يتقن الجمال أن يعزف.
يزن جبور (مدير نادي حكايا الفن), لم تكن المرة الأولى التي يطرح فيها فكرة العزف للجميع, إيماناً منه بأن كلّ فرد يحارب على طريقته (ونحن نحارب بالموسيقى), حيث أنه على يقين أنها أشد الأسلحة فتكاً بالقبح وأمضاها دفاعاً عن الجمال.
وأضاف جبور: بعد التفجيرات الأخيرة التي حصلت كانت هذه الورشة أو النشاط رداً على كل من أراد أن يقتلنا, فهم يفجرون ونحن نصنع الفرح على طريقتنا, ونثبت أن هؤلاء الأطفال من حقهم العيش والابتسام, يكفينا أن نرى عيون من مرَّ بهذا الشارع وسمع "شوية موسيقى وسُعِد بآلوان إيجابية".
مايا شمّا (منسق مشروع قطرات ملونة) تحدثت لسيريانديز: "أهداف فريقنا هي تجميل مدينة اللاذقية, وبعد تواصل الدكتور نورس وطرحه للفكرة, درسنا الشارع وصممنا أعمال ايجابية تتناسب مع هدوء الشارع, وأغلب اللوحات الجدارية, والعبارات كانت تتناسب مع اسمه, وتدعو بطريقتها للتفكير بإيجابية".
كان للنحت أيضاً حصةً في مشروع الفرح حيث افترش النحاتون الصغار الطريق, وخلقوا منحوتات عفوية حيّة لم تشوهها أو تقتلها مشاهد القتل و الدمار, تمَّ ذلك تحت إشراف طلاب من الفنون الجميلة والنحاتين, وجهوا رسالة مفادها "الفن لا زال باستطاعته تجميل المجتمع والصمود بطريقته", حسب ما عبّر السيد فادي محمد (الفنان التشكيلي ومدرس النحت)
لم يستطع أن يقاوم سحر البيانو, فبدأ العزف، الياس طوبال (مدرس بيانو) رأى أن أرواحنا في هذه الفترة تتأرجح ما بين الحزن والتفاؤل, وعلينا ألّا نتوانى عن الدفع بالحرب ولو للحظات.
طفلة اختارت أن ترسم بضعة شجرات, وعند سؤالها عن معنى رسمتها تجيب "خالتو حتى الشجرات بدي اتركهون بأمان , لتتابع: أريد من الكون أن يبقى بخير .
شعب حيّ يواجه الموت كلّ يوم ولا زال يتقن الفرح البسيط وضحكات الأطفال وحلم الحياة الجميلة.. و آن للقدر أن يستجيب؟