سيريانديز- نيللي النجار
في اليوم العالمي لعمالة الأطفال 12 حزيران، تعددت الأسباب والنتيجة واحدة عندما تمشي بشوارع دمشق تصادف العديد من الاطفال المتسولين الذين يعملون رغم صغر سنهم، فهناك من يتسول ويعمل ليعيل اسرته، وهناك من يريد ان يتحمل مسؤولية نفسه.
الطفلة سجيعة ذات الثانية عشر سنة تتسول باحد شوارع دمشق، لم تذهب للمدرسة منذ اربع سنوات بعد ان نزحت مع أفراد عائلتها من حلب، احيانا قد تحضر دروس فئة B بمسار.
تقول: "لا استطيع ان اذهب الى المدرسة فابي اصبح عاجزاً وامي تدير شؤون البيت ولا يوجد من يعيلنا...يبكي ابي كل يوم عندما ادخل من باب المنزل فهو لا يريدني ان اتسول او ان ابيع المحارم وينهرني على ذلك، لكن افكًر من سيحضر لنا احتياجاتنا إن لم اعمل".
اما سلمى ذات الحادية عشر سنة نقول: "بدنا نعيًش حالنا ما عنا معيل، تزوجت امي وتركتنا بعد ان استشهد ابي نحن اربعة بنات ولا يوجد من يعيلنا"، وبدات مريم تتلو لنا الحروف الابجدية العربية التي تعلمتها بفئة B ا.ب.ت.ث.ج.ح.خ....الخ، وصدفنا ام سلمى وعلى حضنها طفل لا يتعدى عمره الاشهر على بعد عدة امتار واوضحت: "مريم تعيلنا بعملها لا استطيع ان ارسلها للمدرسة".
حسن بالصف السابع يعلمنا : "انا اعمل بفصل الصيف فقط بعد ان تنتهي المدارس واريد أن اصبح محامي"، حسن يعمل ببيع الاكسسوارات ويستمتع بعمله لانه يتعلم مهارات.
احمد: "عمري 14 سنة بشتغل بالصيف بشان ما ضل العب، لانه بس العب بتخانق مع رفقاتي وما بعرف العب شي، انا بس بدرس وبشتغل لاصرف على حالي بدل ما اهلي يصرفو عليي".
سعيد: "بشتغل بشان طلع خرجية وما أعد بلا شي بفصل الصيف"
خالد يتسول من اجل ان يحضر الخبز للمنزل فلا يوجد من يعيلهم، وآخر يتسول ليصرف على نفسه ويزيل عبئه عن اسرته ويتعلم مهنة تقيه الحاجة للآخرين.
هذا ما وجدناه بشوارع دمشق، أطفال يعملون ولا يذهبون للمدارس فذهبنا للجهات المعنية علنا نجد حلولا أو معلومات تساعد بحماية الأطفال من العمالة وتدفع بهم للتعلم.
وقالت هديل الأسمر رئيس الهيئة السورية لشؤون الاسرة والسكان حول تطبيق القوانين الناظمة لعمالة الاطفال: إن القوانين الناظمة لعمل الاطفال ومن ضمنها قانون العمل رقم /17/ تطبق بالوقت الحالي لكن هناك مشكلة بعدم توفر عدد كافي من المفتشين الذين مهتمتهم الكشف على بيئة العمل وضمان سلامة الأطفال وهذا من أهم معوقات تطبيق القانون".
كما اضافت هناء سنجار ممثلة منظمة اليونيسف في سورية: وجدنا العديد من الصعوبات بالعمل داخل سورية تتجلى بعدة نواحي موضحة: " لا يوجد مسح ميداني دقيق وبالتالي معلومات كافية عن ما هي نوعية الاطفال الذين يعملون، وما هو نوع الاستغلال الذي يتعرضون له، كما ان الوضع الحالي لم يسمح لنا بالوصول لكافة المناطق، والنزوح المتكرر أيضاً جعل الدراسات غير دقيقة".
واضافت: " لم يكن لدينا حلول بديل بالسابق لنجعل الأهالي يكفون عن ارسال ابنائهم للعمل، اما الآن سنقوم بايجاد حلول تدعم الاهالي والاطفال".
وأطلعتنا رنا خليفاوي على خطط العمل التي سيتم العمل بها للحد من انتشار عمالة الاطفال: "منذ سنتين استشعرت الهيئة السورية لشؤون الاسرة والسكان بتفشي انتشار ظاهرة عمالة الاطفال وقد تم عمل خطة وطنية لمكافحة أسوا أشكال عمل الاطفال وسيتم ذلك من خلال عمل دراسة ميدانية لرصد الظاهرة، كما سيتم ربط المساعدات الانسانية المقدمة للاسر بتعليم الاطفال وضمان استمراره".
واوضحت خليفاوي: "لا يوجد نسبة دقيقة توضح نسبة عمالة الاطفال في سوريا، سابقا لم تكن ظاهرة عمالة الاطفال متفشية لهذا الحد كما بعد الأزمة والتي كانت نتيجة الازمة الإقتصادية والحرب باتت واضحة للعيان وسيتم عمل مسح ميداني محاولة للحصول على نسبة دقيقة لظاهرة العمالة".
وبحسب ا.وضاح الركاد من الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان سيكون هناك "دراسة مطلع الشهر القادم حيث تم اعداد الترتيبات اللوجستية والإجرائية واعداد الاستبانات الخاصة بمسح أسوأ أشكال عمالة الأطفال في سوريا، فمع ظهور الأزمة ازدادت المخاطر والظروف الاقتصادية السيئة مما اضطر قسم من الاطفال للعمل في ظل غياب المعيل" الذي وأوضح بأن عمالة الأطفال انتشرت لتصبح ظاهرة بالمجتمع الأمر الذي يستدعي لإجراء تدخل سريع لحماية الأطفال وعودتهم للمدارس.
وصرّح الدكتور أكرم القش عميد المعهد العالي للدراسات السكانية والإجتماعية: "إن نسبة عمالة الأطفال بحسب دراسات تقديرية "كانت بالسابق طفل واحد من أصل عشرة اطفال يعمل، أما بعد الأزمة فتفاقمت لتصل النسبة بين 30 -35% ".
وأفادت نسرين حسن مديرة المركز السوري لحقوق الطفل بأن: "ظاهرة عمالة الأطفال كانت موجودة في سوريا بنسب متفاوتة قبل الحرب وكان هناك خطط لاحتوائها وايجاد حلول شاملة لها، لكن الحرب اليوم فاقمت هذه الظاهرة كنتيجة لعدة عوامل على رأسها العامل الاقتصادي الناتج عن العقوبات الاقتصادية على سوريا والتي ضيقت سبل الحياة وفي غياب المعيل الاب مما دفع في حالات كثيرة بالاطفال الى سوق العمل لإعالة الاسرة وبالطبع العامل الإجتماعي الذي يتجلى بقلة الوعي موجود بنسب متفاوتة أيضا لكن الأساس هو العامل الاقتصادي الذي تقف كل برامج التوعية اتجاه خطورة هذه الظاهرة عاجزة ما لم نجد حلولا له على رأسها رفع العقوبات الاقتصادية وفتح مشاريع صغيرة ومتوسطة للأسر كي تتمتع بحياة كريمة تحمي الأطفال من أن تصبح فريسة العمالة.
إن مفهوم عمالة الاطفال وفقا لـ ويكيبيديا: "هو العمل الذي يضع أعباء ثقيلة على الطفل، والذي يهدد سلامته وصحته ورفاهيته، العمل الذي يستفيد من ضعف الطفل وعدم قدرته عن الدفاع عن حقوقه، العمل الذي يستغل عمل الأطفال كعمالة رخيصة بديلة عن عمل الكبار، العمل الذي يستخدم وجود الأطفال ولا يساهم في تنميتهم، العمل الذي يعيق تعليم الطفل وتدريبه ويغير حياته ومستقبله".
وقد تفشت ظاهرة عمالة الاطفال في سوريا عاماً بعد عام نتيجة الوضع الراهن، وكان نتيجة ذلك حرمان فئة كبيرة من الاطفال من الذهاب للمدرسة
واصدرت منظمة العمل الدولية العديد من الاتفاقيات التي تعنى بشؤون عمالة الاطفال كان اخرها الاتفاقية 138لسنة 1973 بشأن الحد الأدنى لسن الاستخدام والاتفاقية رقم 182 لسنة 1999 بشأن أسوأ أشكال عمل الأطفال، كما يوجد قانون ناظم لعمل الاطفال في سوريا وهو قانون العمل السوري رقم /17/.