خاص–سيريانديز – سومر إبراهيم
لعل التغيير في الحياة ضروري ولكن بشرط أن يكون للأفضل ، أي أن يخطو هذا التغيير بالشيء المتغير خطوة إلى الأمام ويقدم قيمة مضافة ، لا أن يكون لمجرد التغيير فقط نتيجة الملل أو الانتقام والتشفي ، هنا بالتأكيد سيكون سلبي وغير مدروس وآثاره كارثية في المستقبل .
ما يدعوني للبدء بهذه الكلمات ما لوحظ في الفترة الاخيرة من عناوين عريضة لأخبار تتحدث عن تغييرات في وزارات الدولة أو مديرياتها الفرعية ينتهجها الوزراء او المدراء العامون تتضمن اعفاء مدراء وتكليف آخرون أو حل مديريات ودمجها بأخرى وإحداث مكاتب وأقسام وغير ذلك بقصد خلق مناصب لأشخاص ، وكلها تحت عناوين عريضة وبراقة لا نعرف مدى صوابيتها .
ولكن ما هو مثير للجدل ذاك النهج المتبع في كثير من مفاصل الدولة والذي نلاحظه وراء كل تكليف لوزير أو مدير حيث يبدأ بإبعاد كل من كان مقرب من الوزير أو المدير السابق أو يشك لمجرد الشك بأنه على صلة به ، ومعاقبته إما بالنقل أو الإعفاء ، كنوع من الانتقام أو الحذر والخوف منه بغض النظر عن كفاءة الأشخاص المبعدين وخبراتهم ، وحتى بدون أسباب إدارية أو غيرها تستوجب نقلهم أو إعفائهم ، كل ذلك يندرج تحت عنوان عريض " مقتضيات المصلحة العامة والعمل " ، ومن ثم الإتيان بأشخاص يتم اختصارهم بعبارة " حاشية المسؤول " ، وهنا نتذكر زمن السلاطين والأمراء ، ويبتعد عن الذهن كل ما هو مرتبط بالفكر المؤسساتي المنفصل عن المحسوبية والذي يعتمد في روحه على الكفاءة والإخلاص في العمل .
لن أدخل بمتاهة الأمثلة الكثيرة حتى لا أتهم بالتهجم ، ولكن ما الذي يدفع وزيراً لوزارة مهمة مثلاً للتفكير بإصدار قرار يلغي فيه مديرية المعلوماتية بالوزارة ويحولها إلى دائرة تابعة لمديرية أخرى بهدف تقليص دورها بحجة عدم أهميتها مع أننا في عصر يرتكز بشكل كامل على المعلوماتية والعولمة ، مع العلم أن هذه الوزارة لا تمتلك حتى اليوم موقعاً إلكترونياً .
وأخر يسعى لتتبيع مكتب الوزارة الإعلامي ليكون دائرة تابعة لمكتب الوزير بهدف تهميش دوره في الوقت الذي تدعو فيه رئاسة الحكومة لمنحه الأهمية والاستقلالية وتفعيله وأوصت كثيراً بذلك .
وغيره يحل مكاتب كاملة في مؤسسته بكل ما تحتويه من أشخاص وخبرات لأنها كانت تعمل بإخلاص مع سابقه وذلك بحجة عدم لزومها وأهميتها مما يخلق نوعاً من التشتت والضياع لدى موظفيها ليدفعوا وحدهم ثمن اخلاصهم وتفانيهم في العمل .
وأمثلة أخرى عن دمج مديريات في وزارات أو إحداث أخرى ، ليتم الاكتشاف في المستقبل أن هذه الاجراءات كانت خاطئة ولكن بعد فوات الأوان وتكون نتائجها السلبية طويلة الأمد يدفع ثمنها البلد والمواطن .
ما أريد ايصاله أن المرحلة لم تعد تحتمل التجريب ، والقرارات التي تتخذ يجب أن تكون مسؤولة و تبتعد كل البعد عن الشخصنة والمحسوبية وتكون مدروسة بحيث نخطو بها خطوة لتجاوز آثار الأزمة ، وإلاّ لن تكون إلا مراوحة في المكان وبالتالي تراجع عكس الزمن ، وغرق أكثر في وحول الأزمة .