خاص- سيريانديز- سومر إبراهيم
حراك حكومي نلاحظه بشكل يومي على المستوى الإجرائي واتخاذ القرارات، منذ تشكيل الحكومة الجديدة وحتى الآن والتي قاربت أن تنهي شهرها الرابع، دون أن نلمس أي تغييرات ايجابية على الواقع المعيشي حتى الآن ، بل حالة من الجمود لاتزال تسيطر على القوة الشرائية للمواطن السوري ، بالرغم من تقليص فاتورة احتياجاته، واختصار الكثير من أولوياته وخاصة أننا على أبواب الشتاء ، والبحث عن سبل لتأمين المازوت، والاحتياجات المدرسية وغيرها .
ربما من المبكر إصدار الأحكام وتلمس النتائج ، ولكن هذا لا يمنع من المتابعة والتذكير ، لعل" الذكرى تنفع المسؤولين " .
« سيريانديز » التقت الخبير الاقتصادي والأستاذ الجامعي الدكتور عابد فضلية للوقوف على آخر المستجدات الاقتصادية وللاطلاع على رأي المؤسسة التعليمية العليا بها ، وكان لنا معه الحوار التالي :
- هل حدثت متغيرات اقتصادية إيجابية بعد تشكيل الحكومة الجديدة وبعد الإجراءات الكثيفة التي اتخذتها ..؟
ربما لم يمضِ الوقت الكافي بعد لكي نحكم بصورة قاطعة على الأداء الحكومي الذي من شأنه إحداث متغيرات اقتصادية ملموسة، وعلينا بالوقت ذاته ألا ننسى ظروف الأزمة، ولكن بشكل عام لمسنا وما زلنا نلمس حراك للجهات الحكومية، على مستوى وزارة الصناعة التي أعدت خططاً لتطوير الصناعة في كلا القطاعين العام والخاص تبدأ في العام (2017) ، وبالمقابل ما زالت الخطة على الورق، ونرجو ألا تبقى على الورق فقط، خاصةً وأنن مشكلتنا ليست في وضع الخطط، بل كانت وما زالت المشكلة في التنفيذ، ونلمس كذلك حراكاً على مستوى إجراءات الاستيراد، والتي أصبحت اليوم أكثر مرونة بقليل من الفترة السابقة، وأعتقد أن ذلك تم بضغط من رئاسة الحكومة السابقة في آخر أسابيعها، وفي الأسابيع الأولى من عهد الحكومة الحالية، ولكن، بالمقابل لم تنجح محفزات التصدير في تفعيل هذا القطاع بالمستوى اللازم، نظراً لبعض المعوقات البيروقراطية واللوجستية، وإجراءات تعهد القطع الذي ما زال مطلوباً في الوقت الذي تم فيه إعفاء المصدر من إعادة القطع (ولو مؤقتاً)، ولا أعرف ما هي الحكمة من الإعفاء من إعادة القطع في الوقت الذي يحتاجه المصرف المركزي بشدة .
- لماذا لم نلحظ تحسناً في سعر الصرف حتى الآن برغم الانتصارات التي يحققها الجيش العربي السوري وعودة مناطق مهمة إلى سيطرة الدولة والتحرك الحكومي اليومي ؟؟
الجزء الصحيح من السؤال والذي نتائجه قوية وملموسة وواضحة هو الانتصارات التي يحققها الجيش العربي السوري، وهذا هو الوجه الإيجابي، أما الجزء الآخر من السؤال المتعلق بالتحرك الحكومي اليومي، وخاصةً على المستوى النقدي، وإجراءات المصرف المركزي، فلم نحصل منها على (طحين) ولم نلمس منها أي نتائج فعلية على تحسن سعر الصرف، لمجموعتين من الأسباب، الأولى أن الإجراءات المتخذة في إطار هذا التحرك ليست صائبة، والمجموعة الثانية من الأسباب تتعلق بالخلل الهيكلي للاقتصاد الذي تشوه في بنيته خلال سنوات الأزمة، بحيث لم تعد الإجراءات النقدية قادرة لوحدها على مواجهة المشكل النقدية، ولا الإجراءات الاستثمارية والإنتاجية قادرة لوحدها على مواجهة ضعف عجلة الإنتاج وقلة العرض والقدرة على التصدير، بالتالي، وطالما أن كل جهة حكومية تضع أهدافها وتتخذ إجراءاتها بناءً على وجهة نظرها الوظيفية وطبيعة عملها بمعزل عن أهداف وطبيعة إجراءات الجهات الحكومية الأخرى، فلن يؤدي ذاك التحرك الحكومي اليومي، ولا حتى الساعي أن يُحقق النتائج المرجوة، بما فيها تخفيض سعر الصرف، لأن هذه الإجراءات الحكومية يجب أن تكون في إطار حزمة منسجمة لتحقق النتائج المرجوة .
- لم نلمس أي تغير في الأسعار برغم الإجراءات والوعود التي أطلقتها وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك ما رأيك ؟
تستطيع الوزارة أن تُطلق ما تريد من وعود، ولا أنصح بإطلاق الوعود لأن المواطن لم يعد يطيقها، حيث، و طالما أن الأسعار متعلقة بسعر صرف القطع في السوق السوداء، وطالما أن سعر القطع متعلق بالقدرة الإنتاجية المحلية وتقليص الحاجة إلى الاستيراد، وطالما أن القدرة التصديرية ضعيفة نظراً لضعف القدرة الإنتاجية، التي تتطلب دعماً من القطاع المالي المصرفي، وهذا غير مُتاح حالياً بقيود صادرة بقرارات حكومية ورسمية، على رأسها القيود التي يفرضها المصرف المركزي على الإقراض والتسليف، وطالما أن مستوى الأجور منخفض جداً بالمقارنة مع ارتفاع الأسعار، ولا يمكن رفعه بما يكفي بسبب ظروف الأزمة، لذلك، وطالما أن الأزمة مستمرة، وطال أمدها، تبقى القدرة على تحقيق الوعود الوزارية والحكومية محدودة، لذلك ننصح بإطلاق وعود ممكنة التحقيق .
- يتم الحديث عن شركة كبرى مشتركة للصادرات ماهي العوامل التي تساعد على إنجاح هذه الشركة إن فعلاً أحدثت ؟
إحداث مثل هذه الشركة سيُسهّل بالتأكيد الإجراءات التصديرية ويدعم عملية التصدير، ويفتح ربما المزيد من الأسواق أمام المنتجات السورية، شرط أن تكون هذه الشركة محاذية وموازية ورفيقة لبقية المصدرين الحقيقيين، ولكن (برأيي) فإن زيادة الطاقة التصديرية تحتاج إلى زيادة الطاقة الإنتاجية، وزيادة الطاقة الإنتاجية تتطلب العديد من الشروط التي ألمحنا إليها آنفاً....، وبالتالي فإن نجاح هذه الشركة والشركات التصديرية الأخرى متعلق بالنجاح في تحريك وتقوية وتشجيع عجلة الإنتاج السلعي الحقيقي، وعلى الأخص في قطاع الزراعة بشقيه النباتي والحيواني، وقطاع الصناعة التحويلية، وعلى الأخص الفروع الصناعية الإنتاجية التصديرية .
- ما هي رؤيتك للمرحلة القادمة ؟
لا يمكن فصل أي شيء يحدث في القطر العربي السوري عن الأزمة وآثارها ومنعكاستها، كما لا يمكن التكهن للمرحلة، ما لم نعرف الرؤى والاستراتيجيات والخطط الحكومية الحالية والمستقبلية، ولكني أستطيع القول أن: "بكرا أفضل، وللأسف لا أستطيع القول (بكرا أحلى)، لأنه لا يوجد اليوم أي شيء حلو في ظل الأزمة، بل سيكون (أحلى)، كما نأمل، بعد انتهاء الأزمة "