دريد زينو
لطالما عرفنا رغيف الخبز أسمر كان أم أبيض رمزاً وطنياً تعبرُ فيه الحكومة السورية عن دعمها ووقوفها مع الشعب السوري إنطلاقاً من واجبها تجاهه.
ذاك الدعمُ الذي ما تأثر بلون الرغيف ولم يُفرق بين أيٍّ من مكونات الفسيفساء السورية على مختلف طوائف شعبها وانتماءاتهم .
لا نستطيعُ أن ننكر محاولة البعض للطعن في ظهرِ هذا الدعم على امتداد سنوات الحرب على سورية, وإحدى هذه الطعنات كانت " تّسْميّر لون الرغيف"
اليوم عاد الرغيف بوجهه الأبيض وما زالت محبته تجمعنا على شباك واحد لبيع الخبز ..
" لا خوف عليك .. ولا خوف منه " الجملة التي قالها الصديق العزيز أيمن القحف فكانت الحافز لكتابة ما ستقرأون.
اعتدنا ومنذ استلام الدكتور عبدالله الغربي حقيبة حماية المستهلك على قراءة أخبار الإقالة والإحالة إلى القضاء والأعفاء, الأمر الذي لاشك أثار فينا بعض الريبة كإحدى المؤسسات الهامة التابعة لهذه الوزارة.
لكننا كنا ومازلنا مؤمنين ومنذ البداية بأن حرم المخبز ليس إلا ساحة معركة وعلينا كعاملين أن لا نقل إصراراً وعزيمة على النصر عن حماة الأرض والعرض رجال الجيش العربي السوري فكان عمال المخابز الآلية جنوداً مثابرين مجهولين رغم كل الصعاب التي يواجهونها والإجحاف الكبير بحقهم من حيث الأجور والتعويضات والحوافز وإلى ما هنالك من مستحقات لهؤلاء العمال.
عندما دخل السيد الوزير إلى المخبز على حين غرة ظهرت على وجهه علامات الدهشة المترافقة بالسعادة والرضى لما تراه عيناه في مكان لم يكن ليتوقع أن يكون بهذه الحال ضمن هذه الظروف.
تجول مطولاً في المخبز, قلب أرغفة الخبز, تحدث مع العمال كل على حدا ثم توجه إلى الإدارة طالباً رغيف خبز ساخن وكأس شاي, كان هذا الطلب كافياً لنستنتج أنه وكممثل للحكومة راضٍ كل الرضى عن هذا الرغيف وصُنّاعه.
أثرنا والسيد معن خضور مدير فرع المخابز الآلية بدمشق مع السيد الوزير الكثير من المواضيع التي تهم العامل في الخابز الآلية بشكل خاص والمواطن بشكل عام وحصلنا على وعود قاطعة بحل أغلب مشاكلنا قبل نهاية العام الحالي, كما ناقشنا مشكلة البائعين أمام صالات بيع الخبز وعدم قدرتنا على ضبطهم في الشارع كون لا سلطة لنا طالبين أن تعنى مديرية التموين بهذا الأمر متخذة كافة الإجراءات الردعية الممكنة.
الأمر الجلل الذي كان يشغلنا كأي مواطن سوري هو إشاعة رفع الدعم عن الخبز والتي سرت في الشارع السوري مؤخراً, الأمر الذي نفاه السيد الوزير موضحاً بأن رفع الدعم يجب أن يكون ضمن حزمةٍ اقتصاديةٍ متكاملة تنفع الدولة ولا تضر بالمواطن أو تؤثر على سبل معيشته الصعبة أساساً نتيجة للحرب والحصار المفروض على سورية.
لا بد وأن الزيارة الأولى والتي لم تفاجئنا كانت لأخذ الإنطباع عن وضع المخبز وحال رغيف الخبز بعد غياب شمس النهار, لكن الزيارة الثانية في الليلة التالية كانت لتغير هذا الإنطباع أو ترسيخه كما حصل تماماً, والتأكد بأن حال الرغيف جيد بشكلٍ شبه دائم وليست مجرد ليلة استثنائية, علماً بأننا أوضحنا لسيادته ما يعلمه ولا يحتاج إلى توضيح بأن التواتر الحاصل في جودة الرغيف بين الجيد والمقبول تتبع مباشرة لنوع الطحين المستخدم في إنتاجه حيث اطلع سيادته على عدد من عينات الطحين الموجودة لدينا, فكان رد سيادته: لهذا السبب أعدنا نسبة الإستخراج إلى 80% .
لا يستطيع أي ذي اطلاع الإنكار بأن الشركة العامة للمخابز الآلية والسيد زياد هزاع مديرها العام لم يوفروا جهداً لتحسين جودة الإنتاج من بداية العام وحتى الوقت الحالي.
ما أريد قوله كسوري أولاً وكعامل ومحارب في هذا الوطن ثانياً وكمسؤولٍ عن منشأة تُعنى بأهم ما يرتبط بلقمة عيش المواطن بأننا نبذل كل جهدٍ ممكن في خدمة الوطن ومازلنا غير راضين عن أنفسنا كل الرضى فأداء الواجب تجاه الوطن لا حدود له ولا مقابل قد ننتظره.
أنعم الله علينا بأن كانت ساحة معركتنا هذه بين مطرقة الحرب وظروف العمل الصعبة وبين سندان جهل البعض لهذه الظروف أو تغاضيهم عنها, لكننا كنا ومازلنا صامدين وعلى عهدنا الذي قطعناه لأنفسنا ولوطننا وجيشنا وقائدنا بأن النصر آتٍ لا محالة وعلى امتداد ساحات هذه الحرب الكونية.
دمتم ورغيف الخبز السوري .. بألف خير
** مدير مخبز المزة الآلي