سيريانديز- فراس زرده
بين سندان الانتاج الوفير ومطرقة انخفاض أسعار محصول الحمضيات أو انعدامه يرزح مزارعو الحمضيات تحت وطأة الحاجة حيث لم تعد أشجارهم وبساتينهم التي ذرفوا لأجلها العرق والجهد تلبي احتياجاتهم ومتطلباتهم المتزايدة مع الارتفاع الجنوني لكل شيء في هذه الحياة إلا انتاج شجراتهم "الأبناء" التي لم تبق على حالها بل وتراجعت أهميتها وثمنها لتصبح عبئا على صاحبها الذي أنهكه التعب وأعيته قلة الحيلة في تصريف انتاجه الأساسي ومصدر رزقه الوحيد.
ينظر الفلاح كل يوم بحسرة شديدة الى تعب السنين التي أمضاها في الاهتمام بأشجار وبساتين لم يكن يدري يوما بأنها لن تفي له هذا التعب والجهد ليس لأنها أصبحت أشجار عقيمة لا تثمر بل لأن ثمارها لم تجد من يشتريها ويعاملها باحترام ووقار كما المنتجات الأخرى كالموز والتفاح وأنواع أخرى من الفواكه والخضار لتبقى هذه الثمار تتساقط على الأرض بألوانها وأنواعها المختلفة ما يجعل هذا الفلاح يفكر مليا في العزوف عن الاهتمام بهذه البساتين وتركها تعاند الطبيعة من عطش وقلة تقليم وقلة الرعاية لتصبح هذه الأشجار منسية لم تعد تزهو بخضرتها ونضارتها ,هذا اذا لم يبادر صاحبها الى اقتلاعها من الجذور انتقاما منها ومن الظروف ومن سياسات التسويق المعتمدة التي لا تغن ولا تثمن من جوع ويبقى هذا الفلاح خاضعا ذليلا لسمسرات التجار والمتاجرين الذي يفرضون شروطهم في شراء هذا المنتج الحيوي وبأقل الاثمان ولكن القوانين حالت أيضا بين هذا الفلاح وبين قطع أشجاره باعتبارها ثروة وطنية يجب الحفاظ عليها بالرمش والعين وكيف لمن ليس لديه مقومات الاستمرار أن يفعل ذلك.
سميت أشجار الحمضيات بأنها ثروة وطنية ولكنها ثروة بلا رصيد ولا يمكن لصاحبها من صرفها في الأسواق وفي التعاملات اليومية ما يبقي الفلاح في حالة عوز وعجز عن مواصلة ما بدأه فيقرر الاستقالة من عمله والبحث عن فرص عمل في مجالات أخرى تلبي الاحتياجات المتزايدة حيث لم يعد بمقدوره شراء مستلزمات بساتينه وأشجاره من أسمدة وأدوية حشرية وفلاحة وفوق ذلك أيضا يطالب برسوم الري وغيرها من الضرائب الى آخر ما هنالك.
أيها السامعون ابحثوا عن حلول ناجعة غير المعتمدة حاليا فلا مجال لتسويق هذا المنتج الا بأسواق خارجية حيث الحاجة الداخلية لا تستهلك الا النذر اليسير من الانتاج فضلا عن ضرورة اعتبار هذا المنتج الحيوي بمنتج استراتيجي كمثيلاته من المنتجات كالقمح والقطن كيف لا ؟ وخمسة ملايين نسمة تعيش على هذا المنتج آلا يكفي هذا العدد من السكان المعتاشين عليه لتصنيفه بالاستراتيجي ،والباقي في عهدة من لديه الحل والا فسيهجر هذا الفلاح ما أفنى حياته لأجله .